حبيبي لاتحزن

حبيبي لاتحزن

اليوم دقت اجراس الرحيل وبدء العد التنازلي لنبضات قلبي.

اليوم سأرحل الى العالم المجهول رحلة لا عوده بعدها.

اليوم لا أعرف من سيذكرني ويبكيني ومن ذا الذي سيفرح ويبتهج

لفراقي.

اليوم ستموت الكلمة وينتحر الحرف وتدمع السطور .

اليوم ستبدء ساعة الحداد . ويبدء الحداد على القلم الذي لم يبخل في تصوير

مشاعري في يوم من الايام.

حبيبتي اودعك وداع الاموات فمن الان

انا راحل عن مسرح هذه الحياة. ولا تحزن ايها القلب فما عاد

للحزن مكان .

لا تحـــــــزن...

ان وهبتهم

عمرك.. ووهبتهم سعادتك.. ووهبتهم طاقاتك.. ووهبتهم وقتك..

ووهبتهم قلبك.. وكامل عقلك.. وبعضك وكلك.. وافتديتهم غاليك..

ومنحتهم كل الاشياء الجميلة في حياتك.. وانكروك.. ورحلو

مخلفينك فريسة لذكرياتهم..

لا تحـــــــزن...

أن مددت يديك اليهم..

وانتشلتهم من بحور احزانهم... وانتقيت الشوك من على دروبهم..

واحتسيت المرار من اجلهم.. وارتضيت فوق همك بلائهم..

واستيقضت ليلا ..لكي تدعو لك ولهم.. وتتوسل الله ان يحفظهم..

وتتضرع الى الله ان يجمع بينك وبينهم... وتسئل الله بتعطش ان

يبقيهم.. وفتحت عينك لتجد نفسك في نصف الطريق بدونهم..

فيختفون من حياتك.. مخلفين في ظهرك خنجرهم.. تاركينك لليل

موحش ..وذئب مسعور واعصار يعصف بك حنين اليهم..

لا تحـــــــزن...

ان اكتشفت بأن الزمان لم يعد زمانك.. وأن قلوبهم

ماعادت تسعك.. وأنك بعدما افنيت عمرك.. وانتظرتهم وفقدت

صبرك.. ورجيت حضورهم بدمعك.. تخلو عنك.. وتحت اقدامهم

دهسوك.. وكالأطلال خلفوك.. وقد انتهو منك ..

واثبتو بأنك انتهيت.. وانتهت صلاحيتك..

لا تحـــــــزن...

أن لم

تتمكن من نسيانهم.. مادمت غير قادر على نسيانهم لكن حاول

وحاول مرارا وتكرارا.. واكذب على نفسك كل يوم.. وقل انك الاقدر

على النسيان.. وانك ما عدت تشعر باليتم بدونهم.. وانك ما عدت

تشتاق لهم.. وانك ما عدت تتقصى اخبارهم..

لا تحـــــــزن...
ان

فارقوك.. والم بك الالم والسقم. فأن الم الفراق لا يدووم.. وقد لا

يدوم الا قليلا... أو كثيـــــراً..... وحاول ان توهم نفسك بأنك ولدت

من جديد.. واستقبل الحياة بثوب جديد ولون جديد وابتسامة

جديدة.. واخفي داخلك ذلك الممزق المتألم بكل انينه على فراقهم

فأنه سيخفق بهم ودونهم..

لا تحـــــــزن...

أن غابت شمسهم..

ورحلت معها احلامك واحلامهم.. وأنتظر شروق يوم جديد بشمس

جديدة واحلام جديدة وان طال بك ليلك ثق ثقة عمياء بأن لابد

للشمس من ظهور..

لا تحـــــــزن..

أن وقفت امام مرآتك.. ولم

تستطع تذكر ملامح وجهك ولمحة في عينيك ذلك الكم من جيوش

الاحزان والتمست بقايا دموعك على وجنتيك وأطفئت الأنوار في

غرفتك وجلست في الركن البعيد كالطائر الصغير وتذكرت ملامحهم

وتفاصيلهم معك وضممت رأسك بين يديك وبكيت بكاء الاطفال

وأوصيت الظلام ان يستتر لحظات ضعفك بدونهم..

لا تحـــــــزن...

لأنك خسرتهم.. ولأنهم رحلو... ولأن الدنيا أظلمت في عينا قلبك

من بعدهم... وضاق بك الوجود بدونهم.. فأنت تعلم بأنهم ابـــداً لن

يعودو اليك يوما..

لا تحـــــــزن...

أن وجدت نفسك في بلاد

غريبه.. حامل بين ذراعيك صندوقك الملئ بأحزانك.. وكأنك تريد

الفرار من ذاكرتك الى البعيد.. حيث الوجوه الجديده والاعين التي

تجهلها ولا تعرفك والطرقات التي لم تشهد تفاصيل احزانك..

فتخذلك ذاكرتك وترسم يداك وجوههم فوق الجدران وفوق الرمال

وفوق الجبال فتبكيهم وتخاطب صورهم بسذاجة الاطفال..

لا تحـــــــزن...

أن وجدت نفسك في صفحات دفاترهم.. وقلبت

الصفحات فيها.. ورأيت حلم رسمته معهم.. وقصر بنيته في

حقولهم.. وشممت بين الصفحات عطرهم.. وبقايا الورد الذي

اهديتهم.. والتمست على الصفحات دموعهم.. وقرئت بين السطور

وعودهم.. وانتهت بك الصفحات الى قرار عنك يبعدهم..

لا تحـــــــزن...

أن سمعت في الطريق أغانيهم ولا تتألم.. عندما

تمشي الطريق الذي كان يؤدي اليهم ولا تعبس.. أن انتقيت

الوانهم وعطرهم وتحدثت بحديثهم... واكتشفت بأنهم يسكنون

أعماقك اكثر منك.. وبكيت على قلبك وعلى مشاعرك وأجهشت

بالبكاء تفكر كيف استعمروك وانت تصفق بحرارة لهم..

لا تحـــــــزن...

ان غادروك وانت في امس الحاجة اليهم.. وعلمت

بعد حين بأنهم اختارو سواك.. وتجاهلوك.. وتجاهلو الآمك..

وأحزانك.. ودموعك.. واشتعالك.. وانطفائك.. ومعاناتك..

وضياعك.. ورحيلك.. وغيابك..

لا تحـــــــزن..

. ان جردتك الدنيا

منهم.. واصبحت في حياتهم عابر سبيل.. واصبحت تسكن قشور

الذاكرة.. وهم يسكنونك كالدم.. ويعيشون..ويعيشون.. وأنت ما

زلت تحتضر..وتحتضر.. شيع جثمان احلامك.. وامسح دموع

قلبك.. وامسح بكفك على جبينك.. وقبل رأسك في المرآة.. وقدم

الزهور لنفسك.. وردد بتضرع شديد : |" ربي أني مســــني الضر

وأنت ارحم الرحمين"| |" ربي أني مســــني الضر وأنت ارحم

الرحمين"| |" ربي أني مســــني الضر وأنت ارحم الرحمين"|

. لا تحـــــــزن...

أن فتحت جريدة صباحية ..

وقرئت اسمي بين السطور.. في الزاوية المرعبة من قائمة

الوفيات.. فهو الحقيقة الوحيدة.. والقدر الوحيد الذي لاينكره

عاقل.. ويقينا منا بأنه آت ذات يوم لامحاله.. فقد اصبح هذا الموت

في كل مكان.. واصبح كالشبح يطارنا حتى يدركنا.. فحكاياته

المرعبة يا سيدتي ما عادت تخيفني.. وما عدت اجزع منه.. فهو

راحتي بعد تلك المسافة الطويلة في هذه الحياة.. بعد كل ذلك الكم

من التعب.. والشقاء.. والعناء.. والبكاء.. فلا تحزن.. ولا تبتئس..

ولا تذرف دموعك هناك.. عند شاطئ البحر .. ولا تخبر البحر بنبأ

رحيلي.. فهو اشدكم حزنا علي.. واهو اكثركم معرفة بي.. فلا

تُبكيه..ولا تَبكي علي.. فقط امنحيني قصيدة شعرية واهدني اياها

على ضفاف شواطئ احزاني واكتب على رمال الطريق واعترف

ولو لمرة بأنني كنت اعشقك وانني كنت احبك حبا جما وانني

بكيتك حد الهلاك وانني احببتك حتى الممات.. ومع موت

الهمسات...

لا تحـــــــزن...

ولا تستسلم لنبأ رحيلي.. ولا تجعله

يهز تلك الاعماق الرائعه فيك.. ويخيل الي بان رحيلي سيكون

قاس عليك.. فقد يذهلك.. وقد يزعجك.. وقد يرعبك.. وقد يؤلمك..

وقد يزلزلك.. وقد ينسفك.. .. وقد يبعثرك..

لا تحـــــــزن...

بعد رحيلي.. قفي على قبري هناك وحدثني..

وحاورني كما عودتني.. واخبرني باخبارك واخبارهم.. وكيف

جرت بك الدنيا من بعدي وبعدهم.. وكيف اصبحت الدنيا بعد

غيابي.. وكيف اصبح لون الايام بعد رحيلي.. وكيف حال الاشعار

من بعدي.. وكيف باتت خواطري... ولا تبكي.. حين تتذكر

تفاصيلي.. ولا تنهار بدموعك حين تتذكر بانني ماعدت هناك.. ما

عاد هناك من ينتظرك بشغف.. وينتظرك بخوف.. وينتظرك

بحنين.. وينتظرك بشوق.. وينتظرك بألم.. وينتظرك.. وينتظرك..

وينتظرك.. وانت في حرقة من زحمة اقدارك تفكر في ذلك القلب

الذي احرقه انتظارك.. ما عاد هناك من يبكي اللحظات بدونك.. وما

عاد هناك من يشكي مرور الوقت في غيابك.. وما عاد هناك من

يحصي الثواني للقايك.. لا تبكي لان الدنيا حرمتك مني.. فقد

حرمتني منك قبلا.. لا تبكي .. فأنت من فتح لي ابواب قلبه في

لحظة صدق.. ووهبني الحب بلا تردد.. ومنحني الآمان بلا حدود..

وغمرني باحلامه.. وغمرني بعطائه.. ورممني.. ورمم مشاعري

المسفوكة.... واعاد صياغتي من بقاياي

الحزينة.. لا تبكي.. لا تبكي.. لأنك فاجئتني يوما بالرحيل..

وتلاشيت في الهواء كبخار الماء.. وودعتني في صمت هادئ

كالغرباء..

وقبل ان تنتهي الهمسات..

شكــــرا لانك وهبتني ولو

للحظات.. قلبك.. وصبرك.. وحلمك.. وحرفك.. وصوتك..

وعطفك.. وحنانك..

يقولون يا سيدتي بأن المسافه بين الميلاد

والموت تقاس بعدد الايام التي احببت فيها فاحسب مسافاتي

بايامي الرائعه التي عشتها معك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق