ماذا يعني لك (الوطن) ؟!



في صباح ..يوم الخميس

كعادتي أشاهد (برنامج خواطر7) لأحمد الشقيري, على قناة( mbc1), فأنني أحب أن أتابعه لأنه إنسان مثقف, وإيجابي, ومتفاعل مع المجتمع, ويظهر السلبيات لكي يوجد لها إيجابيات في شكل حلول, وبالفعل فاليوم انذهلت حينما رأيت وطني ( مصر) على الشاشة, فالانذهال فيما رأيت!, فلقد رأيت حي يسمى ( الهجانة): حي عشوائي, واحد من بين آلا لاف بل ملايين العشوائيات التي  تنتشر في مصر, بل وتتزايد مثل مرض الطاعون الذي عندما ينتشر بين الأفراد يؤدى إلى الموت حتماً, وبما رأيته اليوم بالفعل هؤلاء الناس استطاعوا أن يصمدوا أمام مثل هذا المرض المميت المسمى بـ ( العشوائيات), أشعر أن سوف تعجز كلماتي عن وصف ما رأيت, لأن ما رأيته أكبر وأبشع من أن يوصف في بعض كلمات في مقال.
رأيت أسرة تتألف من ( 15 فرداً) يعيشون في شقة مساحتها (75 متر مربع), من صالة وحجرتين وحمام, والمطبخ جزء من حجرة, فالشقة شكلها مزدرية من الداخل, فالحجرات مغلقة ولا يوجد بها منافذ, لدرجة أن أحد أبناء هذه الأسرة, لديها حساسية لأن لا يوجد هواء أو شمس تدخل, وبوتاجاز في أحدى الحجرات, وبهذه الحجرات مواد بلاستكية قابلة للاشتعال في أي وقت, والحمام لا يوجد به أي معالم تدل على أنه حمام من قبح منظره, والذباب يملأ المكان, والفرش مقطع وقديم.

سؤالى الآن: هل هذا هو (الوطن)؟!

عندما تسكن الناس في وطن: أقصد (منزلهم), وهو ليس بمنزلاً, بل أشبه بًـ (المقبرة), عندما يكون(المنزل) شئ لا يليق بآدمية البشر! عندما يكون هو أهانه لهم, وليس تكريماً لهم, نعم, قمة الأهانة, عندما لا يستطيع الإنسان أن يفتح النافذة صباحاً لكي يرى نور الله, وينظر إلى السماء ويقول (يارب أسترها على ولادى), عندما لا يستطيع أن يستنشق الهواء, عندما لا تستطيع الطفلة الصغيرة أن تلعب على ضوء الشمس وتجرى وراء ظلها, عندما ينام أكثر من شخص في حجرة واحدة بعضهم على السرير والآخرين على الأرض, حجرة ليس بها خصوصية, أو ينعم بهدوء أو تفكير أو أي شئ من الأشياء التي يحتاجها الإنسان, عندما يطبخون الطعام على (بوتاجاز) صدأ, في داخل غرفة مليئة بالأدوات البلاستيكية ومواد أخرى قابلة للاشتعال, ففي أي لحظة ممكن أن تشتعل وتحرقهم جميعاً, وحمام عفن.
أي ( وطن) هذا الذي ندفن فيه ونحن أحياء! فعند الموت يكرم الإنسان بدفنه, أما في الدنيا فأهانه الإنسان هو دفنه  في مثل هذا ( المنزل) الذي يخلو من أي علامات أنه مكان يكرم فيه الإنسان.

ما أحزنى !

ففي نفس الحلقة عرض(أحمد الشقيرى), بلاد أوربية منها ( أوسلو) , أنه عندما سأل أحدى الأشخاص , ما هي أسوء المناطق حالاً؟ فذهب به الرجل إلى  (منطقة) مبنى بها عمارات شاهقة, ومطلية باألوان مبهجة, وشوارعها واسعة..
 فقال له : دى أسوء حالاً! يعنى مفيش بيوت صفيح ولا بيوت مبنية من الطين
فرد عليه قائلاً: لا, هى أسوء حظاً لأنها لا تطل على بحر!
وفى (النرويج), قابل (أحمد الشقيرى)( مستر مورين) مهنته ( نجار), ولكن ليس مثل النجارين عندنا, ففي البلاد الأوربية تحترم المهن الحرفية عنا, وتنظر إليهم بعين الاحترام, هذا النجار يمتلك منزل من طابقين و3 غرف ومطبخ وحمام به (جاكوزى), وعندما سأله ( أحمد) هل هذا المنزل تمتلكه؟! أجابه: نعم.
ما أحزني فعلاً! أن (الغرب) يتوفر لهم حقوقهم من مسكن آدمي أؤكد آدمي, وعمل, ومأكل, أن الإنسان له قيمة في الغرب, وأن الإنسان في وطني, مهان, وإن معظم المسلمين لا يتكاتفون لإعانة بعضهم, ينامون وجارهم جائع, يضحكون والأيتام يبكون, يصممون أحدث الفيلات, وغيرهم يسكن العشوائيات.
ما أحزني أيضاً! أن (وطني) مصر, لايوجد من  المسئولين, من ينظر إلى هؤلاء بعين الرحمة, بعين أن هذا من حقهم وليس من طموحهم, مثلما قال( أحمد الشقيرى) في الحلقة:
 سأل حكيماً رجلاً: ما هي طموحاتك؟
رد قائلاً: أنى ألاقى شغل, وأتزوج, وبيت و..
فقال الحكيم: أنا بسألك عن طموحاتك, مش حقوقك!
ولكن وفيما العجب! لقد أهدرت دماءنا كما تهدر دماء الطيور عند الذبح, ولكن الفرق أن الله حلل ذبح الطيور, وحرم قتل النفس, فأى وطن مثل هذا يجد الإنسان فيه الحقوق!
يظهر علينا (الزنجورى) بوعود ووعود, نفس فكر(دِيمَاغُوجِيَا) أنك تضغط على عاطفة الشعب وما يشتاقون له, لكي ينسقون إليك, وفى النهاية ماهو إلا كذبة نعيش فيها, بل على أصح وهماً كبير, من الوعود من استصلاح الأراضي وارتفاع الأجور, وأكبر دليل على كذب هذه الوعود, بأن حقوق الإنسان المصري من مسكن وملبس ومأكل ومشرب وعمل , صفر على الشمال, ثم يطالبوننا بأننا نسير عجلة الإنتاج, أنهى عجلة إنتاج سوف يديرها أفراد لا يجدون ثمن اللقمة الحاف.
صدق (أحمد الشقيرى)  عندما قال: كيف يستطيع الإنسان أن يبدع أو يفكر وهو مشغول بالبحث عن الأساسيات! وصدق أيضاً عندما قال: أن الناس تعتقد أن الطبيعي أن يوجد أحياء فقيرة, و هذا ليس بطبيعي.

ماأسعدنى!

ما أسعدني حقاً, هو أن ( جمعية خيرية) في السعودية, قامت بهدم هذا البيت, وقامت ببناءة  مرة أخرى, فأصبح البيت يتكون من دورين, مساحة الدور 72 م مربع, ويتكون الدور من صالة, و(3 حجرات) , بمتوسط 2 فرد في الغرفة, وكل دور به حمام ومطبخ مستقل, أي أنه  تحول من (مقبرة) إلى منزل آدمي.
والناس من فرحتهم ظل يبكون, يبكون لأنهم سوف يعيشون في (منزل) حقيقي, به حجرات مستقلة, سوف يستطيعون لأول مرة أن يكون لكل فرد فيهم خصوصيته, وبه منافذ للهواء فيستطيعون أن يتنفسون هواء الله وهم في منازلهم, في الحقيقة, أشعر أنهم سعداء لأن في ناس تتسم بالإنسانية أزاحوا عنهم الطين وانتشلوهم من دفنهم من تحت الأرض, فهم كانوا مثل (المدفونين بالحية)  في أرض هى ملكهم.

إذن الوطن يعنى!

الوطن المكان الذى تحفظ بها كرامتي, ويكون فيها معاشى.


شكر خاص!

في نهاية كلامي , أحب أن أوجه شكر خاص جداً,لأحمد الشقيرى, لأهتمامه بالعالم العربي ككل,  واهتمامه على وجه الخصوص بتوعية الناس وتثقيفهم وأيضاً مساعدتهم, ألف شكر ليك على كل شئ  بتفعله من أجل أرضاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق