نيكولاي تشاوشيسكو


حكم نيكولاي تشاوشيسكو من عام 1974 وإلى عام 1989 حيث تم إعدامه يوم 25 ديسمبر 1989 .
من أشهر التغييرات التي عملها نيكولاي تشاوشيسكو في رومانيا هو تغيير معالم العاصمه بوخارست بالكامل لدرجة أنه في الثمانينات قام بتهديم خمس العاصمه بما فيها من كنائس و مباني اثرية؛ و بنى مكانها عمارات عالية، و شوراع واسعة، و ميادين كبيرة. بنى تشاوشيسكو تجمّع إداري فخم سماه بيت الشعب الذي يعتبر ثاني أكبر مبنى في العالم بعد البنتاجون.
أصيب تشاوشيسكو في آخر أيام حكمه بجنون العظمه فأصبح يطلق على نفسه "القائد العظيم"، "القائد الملهم"، "دانوب الفكر" نسبة الى نهر الدانوب، "المنار المضئ للإنسانيه"، و "العبقريه الذي يعرف كل شئ".

كان تشاشيسكو لا يقبل أي إنتقاد، ولايبدي أية رحمة لمن يعارضه، وكان يحيط نفسه بالمنافقين والمطبلين الذين كانوا يطلقون عليه الآسامي والألقاب، وكانوا يصفونه بيوليوس قيصر، والإسكندر الأكبر، وبمنقذ الشعب، وبأن عصره هو العصر الذهبي، وبأنه الشمس التي تشع الدفء، وما إليها من عبارات الإطناب المبالغ فيها والتي كان يتباهى هو بسماعها.
كان نيكولاي تشاوشيسكو يمتلك خمسة قصور إحداها به 1000 حجرة وبلغت قيمة بناء ذلك القصر مليارات من الدولارات بحيث بلغت مساحة المسقوف منه 45000 متر مربع، وقد شارك في بنائه 15000 عاملا إشتغلوا ليلا نهارا لإتمام بنائه بالهيئة والشكل الذي تخيله تشاوشيسكو. كان تشاوشيسكو كذلك يمتلك 9 طائرات مجهزة كقصور طائرة، وكذلك 3 قطارات خاصة كانت تعتبر كبيوت متنقله يستخدمها أثناء تجواله في رومانيا.

كان نيكولاي تشاوشيسكو كذلك يمتلك 39 فيلا فاخرة في أماكن مختلفه من رومانيا، وكان يعيش حياة باذخه بشكل مبالغ فيه بينما كان الشعب الروماني يعاني من الفقر والحرمان ونقص مرافق الخدمات.
في العقد الآخير من حكم نيكولاي تشاوشيسكو تدهورت علاقاته بالإتحاد السوفييتي، وبأوربا، ثم ببقية دول العالم نتيجة لتصرفاته التي كان يغلب عليها التبجّح والفوضى. تلك العزلة الدوليه على رومانيا زادت من شظف العيش للشعب الروماني بشكل غير مسبوق مما دفع الشعب الى الخروج للشوارع وإعلان الثورة الشعبيه العارمه. كانت البدايه بخروج عدد من طلبة الجامعات في مظاهرات إحتجاجيه لم يسترح لمشاهدتها تشاوشيسكو معتبرا إياها تحديا له شخصيا فأمر قوات الأمن الداخلي ( سيكيوريتاتا) بالقيام بإطلاق النار على المتظاهرين؛ وقاموا بالفعل بقتل 20 طالبا مما أغضب بقية المتظاهرين فلجأوا الى العنف الأمر الذي أغاظ نشاوشيسكو أكثر فجلب قوات أمن إضافيه لقمع المظاهرة التي إنتهت الى قتل ملا يقل عن 100 طالب وطالبه يوم 20/12/1989 الأمر الذي أثار سخط الناس الذين كانوا ينتظرون مثل تلك الشراره فخرجت الجماهير الى الشوارع تطالب بإسقاط تشاوشيسكو يومي 21 و 22/12/1989.

بلغت المظاهرات أوجها يوم 22/12/1989 حين إتجهت الى قصر الرئاسه، وهناك حاولت أجهزة الأمن منعهم من الوصول الى القصر فقتلوا منهم ما يقارب المائتين متظاهرا، وجرحوا أكثر من 1000؛ لكن لم يعد الناس حينها يحصون قتلاهم، ولم يعد يرهبهم صوت الرصاص ولا وجود أجهزة الأمن فشقوا طريقهم بكل قوة الى مشارف القصر حيث كان يقيم تشاوشيسكو. ناقش تشاوشيسكو الأمر مع قادة الأمن الداخلي الذين نصحوه بأن يخطب في الجماهير الغاضبه فعساهم يستمعون إليه وينهمو تظاهرهم. خرج تشاشيسكو من البلكونه رافعا يديه في الهواء محييا الجماهير الغاضبه فما زادها إلا غضبا وأخذت تصيح عالية مطالبة إياه بالتخلي عن الحكم مما إضطره لقطع خطابه ثلاثة مرات كان حينها يعود الى الغرفه لأخذ المزيد من النصائح من رجال أمنه الذين كانوا ينصحونه في كل مرة بأن يواصل خطابه؛ لكنه في نهاية المطاف ـ ومع تصاعد حدة الهيجان ولجوء بعض المتضاهرين الى قذفه بالحجاره ـ أصيب بالذعر، وبلغ به الخوف مبلغه حين أخبره رجال أمنه بأنهم لم يعد بإمكانهم السيطره على هذه الجماهير الغاضبه وأشاروا إليه بالهروب.

وصلت طائرة هيلوكبتر وحطت على سطح القصر الذي كان به مهبط طائرات مروحيه، وهناك صعد نيكولاي تشاوشيسكو مع زوجته إيلينا، وقائد أمنه الداخلي وحلقت الطائرة بهم في الجوء تاركة وراءها الجماهير الغاضبه التي شعرت حينها بنشوة الإنتصار.
كان تشاويسكو كلما نظر الى الشوارع من تحته وجدها مليئة بالجماهير الغاضبه وكانت تلك مفاجأة كبرى بالنسبه له حيث ظن طيلة مدة حكمه بأنه محبوب من الشعب، وعلى أن الشعب الروماني كان قد تم ترويضه بحيث بدأ راضىا بما يقدم إليه، وعلى أن روح التظاهر والإعتراض قد ماتت عندهم؛ لكنه كان واهما، أو ربما كان مغررا به من قبل المحاطين به من المنافقين والمطبلين.
حاول قائد الطائرة الهبوط في كم محاولة لكن لم يجد مكانا آمنا يهبط فيه، وبعد أن يأس قائد الطائرة من إمكانية إنقاذ تشاوشيسكو كذب عليه بأنه سوف يظطر الى الهبوط حيث لم يعد هناك وقودا بالطائرة. هبطت الهيلوكبتر في مكان بعيد فقام أعوانه بسرقة سيارة من إحدى المزارع وأسرعوا باحثين عن مخبأه السري الذي لم يتمكنوا من العثور عليه، وبينما هم يركضون باحثين عن المخبأ السري تمكن عدد من المزارعين من المسك بهما بعد أن هرب قائد الأمن الداخلي، وهرب معه قائد الطائرة وهما يعتبران من أقرب المقربين لنيكولاي تشاوشيسكو، ومن أشد الموثوق بهم.

قام المزارعون بتسليم نيكولاي وزوجته الى مركز الشرطه القريب، وهناك إتصل رجال الأمن بالقيادة المركزيه التي لم تعد تابعه لتشاوشيسكو، وبلغ الأمرإلى "إيون إيليسكو" فحضرعلى الفور الى مكان حجز تشاشيسكو وزوجته وهناك أمر بتشكيل محكمه ميدانيه (صوريه) من بعض ضباط الجيش الذين إنظموا الى جماهير الشعب وبدأت محاكمة تشاشيسكو وزجته إيلينا في محاكمه سريعة لم تتجاوز الساعتين تم على إثرها الحكم بإعدام نيكولاي تشاوشيسكو وزجته إيلينا.
المعروف أن إيون إيلييسكو كان أحد معاوني تشاوشيسكو في السابق وكان تشاوشيسكو قد حكم عليه بالحبس في منزله حين إعترض على بعض ممارسات الرئيس الديكتاتوريه.

تم إعدام نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته إيلينا التي يقال بأنها كانت هي الحاكم الفعلي لرومانيا يوم 25 ديسمبر 1989 ... أي يوم عيد الميلاد. كان الذي قام بإعدامه رميا بالرصاص أحد أفراد جهاز أمنه الداخلي "السيكيوريتاتا" بحيث أفرغ عليه 100 رصاصه متواصلة؛ وعندما سئل ضابط الأمن عن سبب رميه بذلك العدد الهائل من الرصاصت قال: أردت أن أتأكد بأنه لن يعود لحكم رومانيا مرة أخرى. يقال بأن نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته إيلينا كانا قد أعدما في نفس الوقت، وفي نفس المكان وكانت عيونهما قد تركت مكشوفه، وبأن أيديهم لم يتم شد وثاقها كما هو مشترط في الإعدامات العسكريه؛ وكانت مشاهد الإعدام تنقل مباشرة عبر شاشات التلفزيون لكي يتأكد الشعب بأن الديكتاتور كان بالفعل قد تم إعدامه وعلى أنه كان قد إنتهى والى الأبد.
تولى الحكم بعده إيون إيلييسكو الذي فتح الباب أمام إنتخابات حره تمكن من خلالها الشعب الروماني من إختيار حكامه بكل حرية، وبدأت الديموقراطيه ترفرف على ربوع رومانيا بعد عقود من الكبت والطغيان، وسرقة أموال الشعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق