ستالين

وُلد ستالين في مدينة "جوري" في جمهورية جورجيا لإسكافي يدعى "بيسو"، وأم فلاحة تدعى "إيكاترينا". وكان "بيسو" يعاقر الخمر ويضرب ستالين بقسوة في طفولته علماً أن الضرب القاسي في تلك الفترة للأولاد كان شائعاً "لتعليم الأولاد". ترك "بيسو" عائلته ورحل وأصبحت أم ستالين بلا معيل! وعندما بلغ ستالين 11 عاماً، أرسلته أمّة إلى المدرسة الروسية للمسيحية الأرثودوكسية ودرس فيها . عادت بداية مشاركة ستالين مع الحركة الإشتراكية إلى فترة المدرسة الأرثودوكسية والتي قامت بطردة من على مقاعد الدراسة في العام 1899 لعدم حضوره في الوقت المحدّد لتقديم الإختبارات. وبذلك خاب ظن امه به التي كانت تتمنى دائما أن يكون كاهنا حتى بعد أن أصبح رئيسا، وطوال فترة حكمه كانت علاقته بأمه شبه منقطعة حتى انه لم يحضر جنازتها وقيل انه كان ينعتها بالعجوز الرخيصة.بعد تركه للمدرسة الكاثوليكية إنتظم ستالين ولفترة 10 سنوات في العمل السياسي الخفي وتعرض للإعتقال، بل والإبعاد إلى مدينة "سيبيريا" بين الأعوام 1902 إلى 1917. إعتنق ستالين المذهب الفكري ل "فلاديمير لينين"، وتأهّل لشغل منصب عضو في اللجنة المركزية للحزب البلشفي في عام 1912. وفي عام 1913، تسمّى بالإسم "ستالين" وتعني "الرجل الفولاذي".

تقلّد ستالين منصب المفوّض السياسي للجيش الروسي في فترة الحرب الأهلية الروسية وفي فترة الحرب الروسية البولندية، وتقلّد أرفع المناصب في الحزب الشيوعي الحاكم والدوائر المتعددة التابعة للحزب. وفي العام 1922، تقلّد ستالين منصب الأمين العام للحزب الشيوعي وحرص ستالين ان يتمتع منصب الأمين العام بأوسع أشكال النفوذ والسيطرة. بدأ القلق يدبّ في لينين المحتضر من تنامي قوة ستالين، ويُذكر ان لينين طالب بإقصاء "الوقح" ستالين في أحد الوثائق الا ان الوثيقة تمّ إخفاؤها من قِبل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.

بعد موت لينين في يناير 1924، تألّفت الحكومة من الثلاثي : ستالين، و كامينيف، و زينوفيف. وفي فترة الحكومة الثلاثية، نبذ ستالين فكرة الثورة العالمية الشيوعية لصالح الإشتراكية المحلية (1) مما ناقض بفعلته مباديء "تروتسكي" المنادية بالشيوعية العالمية. تغلب ستالين على الثنائي كامينيف و زينوفيف وأصبح القائد الأوحد بعدما كانت الحكومة ثلاثية الأقطاب، وتم ذلك في عام 1928. تزوج ستالين مرتين, الأولى ماتت بالسل عام 1907 اي قبل قيام الثورة بعشر سنوات ويقال انه لم يكن لديه المال الكافي لعلاجها بعد أن أنفق كل ما لديه على الحزب كان قد انجب منها ياكوف الأبن الاكبر الذي حاول الانتحار مرة ونجا ثم التحق بالجيش وتم اسره على يد القوات الالمانيه اثناء الحرب العالمية الثانيه ورفض ستالين أن يميزه في تبادل الاسرى وقتل اثناء محاولته للهرب. زوجته الثانية (ناديا) تزوجها وهي ابنة السابعة عشر عام1917 هي شيوعية متحمسة ابنة أحد أصدقائه المقربين.. كانت تدرس الهندسة، انجبت له طفلين وكانت لقسوة ستالين وتسببه في المجاعات التي ضربت روسيا ومعاناة الشعب سببا في انتحارها بعد مشاجرة في أحدى الحفلات ..كان ستالين معروفاً بنهمه وتعدد نزواته عدة مرات ولعل أبرزها كانت " روزا مويسيفينا" التي عرفت بحبها للأدب والموسيقى.

أثر ستالين في تغيير الإتحاد السوفييتي

استبدل ستالين الانتماء الديني للشعب الروسي بالانتماء الشيوعي ورغم كونه درس بمدرسة كاثوليكيه الا انه امر بحرق الايكونات المسيحية في البيوت وهدم الكنائس ودور العبادة وذلك لإرتباطه الشديد وتعلقه بنظرية النشوء والإرتقاء للكافر والملحد داروين.
بالرغم من المصاعب التي واجهها ستالين في تطبيق الخطة الخمسية للنهوض بالإتحاد السوفييتي، الا ان الإنجازات الصناعية أخذت بالنمو بالرغم من قلة البنية التحتية الصناعية و التجارة الخارجية. فقد تفوّق معدل النمو الصناعي الروسي على كل من ألمانيا في فترة النهضة الصناعية الألمانية في القرن التاسع عشر كما فاقت غريمتها اليابانية في أوائل القرن العشرين. تمكّن ستالين من توفير السيولة اللازمة لتمويل مشاريعه الطموحة عن طريق التضييق على المواطن السوفييتي في المواد.

التصفيات الجسدية

بوصول ستالين للسلطة المطلقة في 1930، عمل على إبادة أعضاء اللجنة المركزية البلشفية وأعقبها بإبادة كل من يعتنق فكر مغاير لفكر ستالين او من يشك ستالين بمعارضته. تفاوتت الأحكام الصادرة لمعارضي فكر ستالين فتارة ينفي معرضيه إلى معسكرات الأعمال الشاقة، وتارة يزجّ بمعارضيه بالسجون، وأخري يتم إعدامهم فيها بعد إجراء محاكمات هزلية، بل وحتى لجأ ستالين للإغتيالات السياسية. تم قتل الآلاف من المواطنين السوفييت وزج آلاف آخرين في السجون لمجرد الشك في معارضتهم لستالين ومبادئه الأيديولوجية!
رتّب ستالين لعقد المحاكمات الهزلية في العاصمة موسكو لتكون قدوة لباقي المحاكم السوفييتية. فكانت المحاكم الهزلية غطاءً سمجاً لتنفيذ أحكام الإبعاد أو الإعدام بحق خصوم ستالين تحت مظلّة القانون! ولم يسلم "تروتسكي"، رفيق درب ستالين من سلسلة الإغتيالات الستالينية إذ طالته اليد الستالينية في منفاه في المكسيك عام 1940 بعد أن عاش في المنفى منذ عام 1936 ولم يتبق من الحزب البلشفي غير ستالين ووزير خارجيته "مولوتوف" بعد أن أباد ستالين جميع أعضاء اللجنة الأصلية.

تم إعدام مليون نسمة بين الأعوام 1935 - 1938 والأعوام 1945 - 1950 وتم ترحيل الملايين ترحيلاً قسرياً لمعسكرات العمل مما تسبب فى وفاة الملايين بسبب الجوع والبرد القارص ! في 5 مارس 1940،قام ستالين بنفسه بالتوقيع على صكّ إعدام 25،700 من المثقفين البولنديين وتضمّن القتلى 14،700 من أسرى الحرب، وقضى على من30،000 - 40،000 من المساجين فيما يعرف "بمذبحة المساجين". ويتّفق المؤرّخون على أن ضحايا الإعدامات والإبعاد وكذلك المجاعات السوفييتية تقدّر ب 8 إلى 20 مليون قتيل! وأحد التقديرات تقول أن ضحايا ستالين قد يصلون إلى 50 مليون ضحيّة. يظلّ عدد الضحايا في الحقبة الستالينية ضرب من التقدير لعدم ورود أرقام رسمية سوفييتية أو روسية بعدد ضحايا تلك الحقبة..

الترحيل القسري

بعد الحرب العالمية الثانية بقليل، قام ستالين بترحيل مليون ونصف المليون سوفييتي إلى "سيبيريا" وجمهوريات آسيا الوسطى. وكان السبب الرسمي هو إمّا تعاونهم مع القوات النازية الغازية او معاداتهم للمباديء السوفييتية! والمُعتقد ان سبب الترحيل الجماعي هو التّطهير العرقي لكي يتسنّى لستالين من إيجاد توازن إثني في الجمهوريات السوفييتية.
الحرب العالمية الثانية
بعد توقيع إتفاقية عدم الإعتداء بين الإتحاد السوفييتي وألمانيا النازية بعامين، قام هتلر بغزو الإتحاد السوفييتي ولم يكن ستالين متوقعاً للغزو الألماني. فكان ستالين توّاقاً لكسب الوقت ليتسنّى له بناء ترسانته العسكرية وتطويرها الا ان هتلر لم يترك الإتحاد السوفييتي يؤهّل نفسه عسكرياً. وتمكّن الألمان من جني الإنتصارات العسكرية في بداية غزوهم للإتحاد السوفييتي نتيجة ضعف خطوط الدفاع السوفييتية الناتجة عن إعدام ستالين لكثير من جنرالات الجيش الأحمر. وتكبّد الإتحاد السوفييتي خسائر بشرية فادحة في الحرب العالمية الثانية، إذ كان الألمان يحرقون القرى السوفييتية عن بكرة أبيها، وتقدّر خسائر الإتحاد السوفييتي البشرية في الحرب العالمية الثانية من 21 إلى 28 مليون نسمة!

نهايته

في الأول من مارس 1953، وخلال مأدبة عشاء بحضور وزير الداخلية السوفييتي "بيريا" و"خوروشوف" وآخرون، تدهورت حالة ستالين الصحية ومات بعدها بأربعة أيام. تجدر الإشارة ان المذكرات السياسية ل "مولوتوف" والتي نُشرت في عام 1993 تقول أن الوزير "بيريا" تفاخر ل "مولوتوف" بأنّه عمد إلى دسّ السم لستالين بهدف قتله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق