السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله جميعا وبارك فيكم
لا عدوى ولا طيرة
لا عدوى ولا طيرة
جاء في كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين- حمه الله - ( 2/93) وعند الكلام على قول من لا ينطق عن الهوى ((لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر))...
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى". "لا" نافية للجنس، ونفي الجنس أعم من نفي الواحد والاثنين والثلاثة، لأنه نفي للجنس كله، فنفى الرسول صلى الله عليه وسلم العدوى كلها.
والعدوى: انتقال المرض من المريض إلى الصحيح، وكما يكون في الأمراض الحسية يكون أيضاً في الأمراض المعنوية الخلقية، ولهذا أخبر صلى الله عليه وسلم أن جليس السوء كنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة .
فقوله: "لا عدوى" يشمل الحسية والمعنوية، وإن كانت في الحسية أظهر....
وتأملو هذا الكلام البديع الممتع لابن عثيمين - رحمه الله -:
((لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر))...
((لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر))...
وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفياً للوجود،
لأنها موجودة،
ولكنه نفي للتأثير،
فالمؤثر هو الله،
فما كان منها سبباً معلوماً، فهو سبب صحيح،
وما كان منها سبباً موهوماً، فهو سبب باطل،
ويكون نفياً لتأثيره بنفسه إن كان صحيحاً،
ولكونه سبباً إن كان باطلاً.
لأنها موجودة،
ولكنه نفي للتأثير،
فالمؤثر هو الله،
فما كان منها سبباً معلوماً، فهو سبب صحيح،
وما كان منها سبباً موهوماً، فهو سبب باطل،
ويكون نفياً لتأثيره بنفسه إن كان صحيحاً،
ولكونه سبباً إن كان باطلاً.
فقوله: "لا عدوى": العدوى موجودة، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يورد ممرض على مصح)) ،
أي: لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة، لئلا تنتقل العدوى.وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فر من المجذوم فرارك من الأسد)) .
أي: لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة، لئلا تنتقل العدوى.وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فر من المجذوم فرارك من الأسد)) .
والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه، حتى قيل: إنه الطاعون،
فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك، وفيه إثبات لتأثير العدوى،
فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك، وفيه إثبات لتأثير العدوى،
لكن تأثيرها ليس أمراً حتمياً، بحيث تكون علة فاعلة،
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار، وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب بنفسها، فالأسباب لا تؤثر بنفسها، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سبباً للبلاء، لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} [البقرة: 195]،
ولا يمكن أن يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى، لأن هذا أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى.فإن قيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: ((لا عدوى. قال رجل: يا رسول الله الإبل تكون صحيحة مثل الظباء، فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول؟)) ,
يعني أن المرض نزل على الأول بدون عدوى، بل نزل من عند الله ـ عز وجل ـ، فكذلك إذا انتقل بالعدوى فقد انتقل بأمر الله، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم، فجرب الأول ليس سببه معلوماً، إلا أنه بتقدير الله تعالى، وجرب الذي بعده له سبب معلوم،
لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب، ولهذا أحياناً تصاب الإبل بالجرب، ثم يرتفع ولا تموت، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية، وقد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون.
فعلى الإنسان أن يعتمد على الله، ويتوكل عليه، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم، فأخذ بيده وقال له: ((كل)) يعني من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم " لقوة توكله صلى الله عليه وسلم ، فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي.
وهذا الجمع الذي أشرنا إليه هو أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث،
وادعى بعضهم النسخ، فمنهم من قال: إن الناسخ قوله: "لا عدوى"، والمنسوخ قوله: "فر من المجذوم"، و"ولا يورد ممرض على مصح"، وبعضهم عكس، والصحيح أنه لا نسخ، لأن من شروط النسخ تعذر الجمع،
وادعى بعضهم النسخ، فمنهم من قال: إن الناسخ قوله: "لا عدوى"، والمنسوخ قوله: "فر من المجذوم"، و"ولا يورد ممرض على مصح"، وبعضهم عكس، والصحيح أنه لا نسخ، لأن من شروط النسخ تعذر الجمع،
وإذا أمكن الجمع وجب الرجوع إليه، لأن في الجمع إعمال الدليلين، وفي النسخ إبطال أحدهما، وإعمالهما أولى من إبطال أحدهما، لأننا اعتبرناهما وجعلناهما حجة، وأيضاً الواقع يشهد أنه لا نسخ.
ثم قال رحمه الله:
فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تبين وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة، ولا يضعف المسلم أما هذه الأشياء،
لأن الإنسان لا يخلو من حالين:
إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم أو ما أشبه ذلك، فيكون حينئذ قد علق أفعاله بما لا حقيقة له ولا أصل له، وهو نوع من الشرك.
فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تبين وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة، ولا يضعف المسلم أما هذه الأشياء،
لأن الإنسان لا يخلو من حالين:
إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم أو ما أشبه ذلك، فيكون حينئذ قد علق أفعاله بما لا حقيقة له ولا أصل له، وهو نوع من الشرك.
وإما أن لا يستجيب بأن يكون عنده نوع من التوكل ويقدم ولا يبالي، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أو الغم، وهذا وإن كان أهون من الأول، لكن يجب ألا يستجيب لداعي هذه الأشياء التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقاً، وأن يكون معتمداً على الله ـ عز وجل ـ.
ثم قال رحمه الله
فالحاصل أننا نقول: لا تجعل على بالك مثل هذه الأمور إطلاقاً، فالأسباب المعلومة الظاهرة تقي أسباب الشر، وأما الأسباب الموهومة التي لم يجعلها الشرع سبباً بل نفاها، فلا يجوز لك أن تتعلق بها، بل احمد الله على العافية، وقل: ربنا عليك توكلنا.
فالحاصل أننا نقول: لا تجعل على بالك مثل هذه الأمور إطلاقاً، فالأسباب المعلومة الظاهرة تقي أسباب الشر، وأما الأسباب الموهومة التي لم يجعلها الشرع سبباً بل نفاها، فلا يجوز لك أن تتعلق بها، بل احمد الله على العافية، وقل: ربنا عليك توكلنا.
ثم قال رحمه الله :
وهذا الحديث جمع النبي صلى الله عليه وسلم فيه بين محذورين ومرغوب،
فالمحذوران هما العدوى والطيرة،
والمرغوب هو الفأل،
وهذا من حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذكر المرهوب ينبغي أن يذكر معه ما يكون مرغوباً، ولهذا كان القرآن مثاني إذا ذكر أوصاف المؤمنين ذكر أوصاف الكافرين، وإذا ذكر العقوبة ذكر المثوبة، وهكذا.
وهذا الحديث جمع النبي صلى الله عليه وسلم فيه بين محذورين ومرغوب،
فالمحذوران هما العدوى والطيرة،
والمرغوب هو الفأل،
وهذا من حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذكر المرهوب ينبغي أن يذكر معه ما يكون مرغوباً، ولهذا كان القرآن مثاني إذا ذكر أوصاف المؤمنين ذكر أوصاف الكافرين، وإذا ذكر العقوبة ذكر المثوبة، وهكذا.
قال الشيخ سليمان آل الشيخ :
وأما أمره بالفرار من المجذوم ، ونهيه عن إيراد الممرِض على المصحّ ، وعن الدخول إلى موضع الطاعون ؛
فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى ، وجعلها أسبابا للهلاك والأذى ، والعبد مأمور باتِّقاء أسباب الشر إذا كان في عافية ، فكما أنه يؤمر أن لا يُلْقِي نفسه في الماء أو في النار أو تحت الهدم أو نحو ذلك كما جرت العادة بأنه يُهْلِك ويُؤذي ، فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم وقدوم بلد الطاعون فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف ، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره ، ولا مقدر غيره .
قلت : والله إنه كلام بديع ذلك بأنه يحمل روح العلم والفهم الصحيح ولندعُ الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه...فرحم الله ابن عثيمين و علماء أهل السنة رحمة واسعة ... آمين
ونستتطيع الآن أيها الأفاضل أن نجمل لكم كلام العلماء
في الجمع بين أحاديث هذا الباب بفضل الله
في الجمع بين أحاديث هذا الباب بفضل الله
فقد جَمَعوا بين هذه الأحاديث من وجوه :
الأول :
أن العَدوى إذا انتقَلتْ كان ذلك بِقَدَرِ الله ، لا بتأثير المرض ذاتِه ،
أن العَدوى إذا انتقَلتْ كان ذلك بِقَدَرِ الله ، لا بتأثير المرض ذاتِه ،
ويَدل عليه ما رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا يًعْدِي شيء شيئا ، فقام أعرابي فقال : يا رسول الله النُّقْبَة من الْجَرَب تكون بِمِشْفَرِ البعير أو بِذَنَبِه في الإبل العظيمة فَتَجْرَبُ كلّها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما أجْرَبَ الأول ؟ لا عدوى ولا هامة ولا صفر ، خلق الله كل نفس فكتب حياتها ومصيباتها ورزقها .
وهو يُوضِّح ما تقدّم من رواية الشيخين .
فقوله صلى الله عليه وسلم : " فما أجْرَبَ الأول ؟ " أي أنّ أول بعير أُصيب لم يَكن نتيجة عدوى ولا أنه خالَط غيره ، وإنما كان ذلك بِقَدَر ِ الله ، فلو لم يُقدِّر الله انتقال ذلك الْجَرَب لم يَنتقِل ، كما أنه لو قَدّر سلامة البعير الأول لم يُصَب
والمشاهد أن البيت أحيانا يُصاب أحد أفراده بالزًُّكام فيُصاب كل من في البيت ، وأحياناً يُصاب الرَّجُل في بيته ولا تنتقل العدوى لأقرب الناس إليه !
فمن الذي جعلها تنتقل في مرّة ولا تنتقل في مرّات ؟
فمن الذي جعلها تنتقل في مرّة ولا تنتقل في مرّات ؟
إنه الله الذي قَدّر الأقْدَار ،
وليس المرض الذي انتقل أو انتشر .
وليس المرض الذي انتقل أو انتشر .
قال ابن عبد البر : أما قوله : " لا عدوى " فمعناه أنه لا يُعْدِي شيء شيئا ، ولا يُعْدِي سقيم صحيحا ، والله يفعل ما يشاء ، لا شيء إلا ما شاء .
الثاني :
أن العدوى لا تنتقل بِنفسِها ، وهو بمعنى السابق .
أن العدوى لا تنتقل بِنفسِها ، وهو بمعنى السابق .
قال ابن الأثير : كانوا يظنون أن المرض بنفسه يَتَعَدّى ، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس الأمر كذلك ، وإنما الله هو الذي يمرض ويُنَزل الداء .
الثالث :
أن الأمر بالاعتزال في حقّ من يُخشى أن يَعتقِد أن المرض انتقل بنفسه ، أو أن المريض هو الذي أصابه بالمرض .
أن الأمر بالاعتزال في حقّ من يُخشى أن يَعتقِد أن المرض انتقل بنفسه ، أو أن المريض هو الذي أصابه بالمرض .
روى عبد الرزاق عن معمر قال : بلغني أن رجلا أجذم جاء إلى ابن عمر فسأله ، فقام ابن عمر فأعطاه درهما فوضعه في يده ، وكان رجل قد قال لابن عمر : أنا أعطيه فأبى ابن عمر أن يناوله الرجل الدرهم .
فهذا من هذا الباب .
فهذا من هذا الباب .
وقد جاء الإسلام بِعزْل المريض الذي يكون مرضه خطيراً مُعدِياً .
قال عليه الصلاة والسلام : لا يُورِد مُمْرِضٌ على مُصِحّ . رواه البخاري ومسلم .
قال العلماء : الممرِض : صاحب الإبل المراض ، والمصِحّ : صاحب الإبل الصحاح ، فمعنى الحديث لا يورد صاحب الإبل المراض إبله على إبل صاحب الإبل الصحاح ، لأنه ربما أصابها المرض بِفِعْلِ الله تعال وقَدَرِه الذي أجرى به العادة لا بِطَبْعِها فيحصل لصاحبها ضرر بمرضها ، وربما حصل له ضرر أعظم من ذلك باعتقاد العدوى بِطَبْعِها فيكفر . أفاده النووي .
وقال عليه الصلاة والسلام في شأن الطاعون : إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تَخْرُجوا فِرارا منه . رواه البخاري ومسلم .
قلت:
وهذا أول حجر صحي عرفه تاريخ البشرية
وهذا أول حجر صحي عرفه تاريخ البشرية
أفادنا به خير البرية الذي لا ينطق عن الهوى
- صلى الله عليه وسلم -
- صلى الله عليه وسلم -
وبهذا يتبين أن هناك عدوى ولكنها لا تعدي بنفسها ولذلك جعل أهل العلم هذه الأربعة التي وردت في الحديث الذي نحن بصدده في كتب التوحيد ذلك بأن الضار النافع هو الله سبحانه وليس غيره.
والله أعلم .
ونسأل الله أن يعلمنا وإياكم علما نافعا
وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
آمين
آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق