الغنائم الخمس اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك

الغنائم الخمس









(1) شبابك قبل هرمك
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلوهو يعظه : " اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقركوفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك " أخرجه الحاكم وصححه الألباني في صحيحالجامع .
فهذه الوصية الجامعة يوصي فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن يسابق المسلم إلى الخيرات في مراحل العطاء والقوة قبل أن يشغل أو تسلب منه أحد هذه النعم الشباب الصحة ....الفراغ.... الغنى.... الحياة
وإلى الغنيمة الأولى :
اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل َهرَمك
الهرم : بفتح الراء أقصى الكبر ، والرجل هرِِِِِِِِِِِِِِم ، والمرأة هرِمة (بكسر الراء ) وفي الحديث (تداووا عباد الله فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم )صححه الألباني
فالرسول صلى الله عليه وسلم يوصي المسلمين باغتنام فرصة الشباب قبل أن يصل إلى مرحلة الشيخوخة والعجز وهذه سنة الله فينا قال تعالى :
( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ) 54 الروم
سبحان الله لقد كنا عدما لا شيء فأنعم الله علينا بنعمة الوجود وكنا خلقا ضعيفا ؛ فيولد الواحد منا صغيرا ضئيلا واهن القوى ثم يشب قليلا قليلا حتى يصل إلى مرحلة الشباب مرحلة القوة بعد الضعف.... ثم يشرع في النقص ويبدأ فيشيخ ثم يهرم وهو الضعف بعد القوة فتضعف الهمة والحركة شيئا فشيئا .
قال تعالى (ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون ) يس 68
فأوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم باغتنام هذه المرحلة العمرية التي هي ربيع العمر قبل أن يصل إلى خريف العمر الشيخوخة والهرم .
ومنحرصه صلىالله عليه وسلم على شباب أمتهأنه حذرهم من التفريط في هذه المرحلة من العمر؛لأنه زمن القوة والاكتمال، فعدّ رسولالله صلى الله عليه وسلم زمنالشباب غنيمة، وحث على تداركها قبل فواتها.

عن
ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزول قدماابن آدميوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابهفيما أبلاه ...)أخرجه الترمذي
فهو يسأل عن
عمره كله مرةواحدة ثم سؤالا خاصا بمرحلة الشباب إشارة إلى أهميتها .

ونعلم أن أحد الأصناف السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (شاب نشأ في طاعة الله )
ورحم الله
أبو الطيب الطبريالعالم الشافعي الجليل الذي بلغ الثمانين من عمره....خرج يوما مع طلابه فيسفينةفلما قاربوا الشاطئقفز من السفينةفقالوا : كيف استطعت و أنت في الثمانين ؟قال :هذه أعضاء حفظناها في الصغر ، فحفظها الله علينا في الكبر ..

شباب الصحابة كيف كانوا :
لو نظرنا إلى الوراء إلى عهدالنبوة العظيم وعهد الصحابة الكرام نجدهم شبابا يقدمون أرواحهم وأنفسهم وأموالهم فيسبيل الله عز وجل ...
فهذا مصعب بن عمير شاب من أجمل شبابقريش ..وأغناها كان إذا مر من أزقة مكة كان الناس يعرفونأن مصعباً مر من هنا من أثر العطر الذي يضعه ....... كان يحيا حياة الترف واللهووالعبث .

ولكن جاء الإسلام لينير دربه وقلبه وعقله فأخذه بكل ما فيه وأقبل عليه بكلكيانه حتى أن أمه حبسته ومنعت عنه الطعام وقيدته ،فتحايل على القيد وهرب نجاةبدينه وإيمانه فحرمته نصيبه من المال فلم يأبه لذلك بل مضى في طريقه طالبا النجاةلنفسه ولأمته .....
فابتعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفيرا للإسلام والمسلمينإلى المدينة خرج في سبيل الله ليحل محل رسول الله في تبليغ الدعوة وقبل أن يصل عليهالسلام كان قد أسلم على يدي مصعب جموع كبيرة من أهل المدينة .....هذا الشاب الذي لميكن يهمه من قبل إلا مظهره وملبسه وعطره وجماله ولكن الإسلام قلب موازينه وغيرأهدافه ورؤيته للحياةوهذا علي بن أبيطالب رضي الله عنه شابا قويا شجاعا يبيت في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلمليصرف نظر الكفر عنه في هجرته عليه السلام كان من الممكن أن يقتلوه ويستهينوا بأمرهولكنه لم يحفل بذلك بل واجه قريش بكل قوته وشجاعته ولم يخف على شبابه ويتأخر فينصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا أسامةبن زيد رضي الله عنهما جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرا على جيش فيه أبي بكروعمر رضوان الله عليهم أجمعين ليغزو الروم .
يا لله أتعرفون عمر أسامة آنذاك ؟؟

لم يتجاوز العشرين عاماوكانقائدا عاما لجيش المسلمين أنظروا كم هي عظيمة هذه المسئولية.

لقد كانوا شباباً ذو عزة ورفعة، كانوا شباباً ذو هم وهمةوفي هذا يقول الشاعر:

شباباً ذللوا سبل المعالي وما عرفوا سوىالإسلام دينا

شباباً لم تحطمه الليالي ولم يسلم إلى الخصمالعرينا

إذا شهدوا الوغى كانوا كماة يدكون المعاقل والحصونا

ولمتشهدهم الأقداح يوماً وقد ملئوا نواديهم مجونا

وما عرفوا الأغاني مائعاتولكن العلى صيغت لحونا

وإذا جن الظلام بهم فلا تراهم من الإشفاق إلاساجدينا

كذالك أخرج الإسلام قومي شباباً مخلصاً حراًأمينا
كانوا رهبانا في الليل فرساناً في النهاروعلى أعتاقهم قام المجتمع الإسلامي العظيم
قوة الأمةبقوة شبابها :
فثروة
الأمم ليست في معادنها ولا في ذهبها وفضتها ؛وليست ثروتها فيما تملكه منأرصدة البنوك؛ليستهذه هي الثروة كما يتصور البعض...الثروةالحقيقية هي الإنسانالإنسانهو أعظم ثروة ، والشباب هم العنصر الأهم لهذه الثروة الإنسانية ولهذا إذاأحببت أنتعرف مستقبل أمة فاسأل ما موقع شبابها ؟ما الذي يهمهم ؟وماأهدافهم في الحياة ماذايصنعون ؟ وفيم يفكرون ؟إذن أنت أيها الشاب تحدد عمر ومكانة أمتك

مفاهيم عجيبةللشباب
بعض
الشباب ظن أن كلمة شاب معناها النوم والراحة والكسلأوسجائر ومخدرات وصحبة السوءأو لعب للكرة ومشاهدة المبارياتومتابعة الأخبار والقنواتالرياضية فصارت الكرة كأنها وثن يعبد .
ومنهم من عكف
على سماع الأغاني ومتابعةالأحدث منهاومعظم الأغانيالتي تسمع في هذا العصر تدورحول محور واحد هو الحب والغرام والعشق والهجروالوصال ،كأنه ليس في الدنيا شئ إلاالحب وكأنه ليس هناك حب إلا حبالمرأة وحب جسدها.... وحب المرأة الأجنبية لاحبالمرأة الزوجة ولا حبالمرأة الأم


ومنهم من جعل
الشباب مصادقة الشابللفتاة والفتاة للشاب وحب هذه والجري وراء تلك
أو أن كلمة
شاب معناها أن يتخنث الشابفيلبس سلسلة في رقبته وانسيالا وحليا كالنساءوتسترجل الفتاة !!!

الإسلام لا يريد أنيمشي الواحد في الطريق فلا يعرف منأمامه أهو رجل فيتحسر على الرجولة الضائعة أمفتاة فيتحسر على ضياع الحياء ... سبحان الله

وللأسف ثقافة المجتمع هنا في الغرب الشذوذ في المظهر للفت الأنظار ...حلق الشعر بطريقة غريبة ، الخرزوالدبابيس في الأنف والشفتين والآذان ، الوشم

( Tattoo ) الملابس الممزقة والمقلوبة أحيانا .... البناطيل الساقطة ....
وجمال الرجلليس في إظهارهلشعر صدره تتدلى من رقبته سلسلة إنما جمال الرجل في خشونته،أن يبقى الرجل رجلا .
وليست
الأنوثة أن تسترجل الفتاة ، أو بإبراز مفاتنها وإثارة الغرائز ؛إنما جمالأي فتاة في حيائها ،فإذا نزع الحياء من فتاة نزع منها أغلى شئ.

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليهوسلم-: لعن الله المتشبهينمن الرجال بالنساء والمتشبهاتمن النساء بالرجالرواه البخاري
والعجيب أننا عندما نرى أحدهم يحياحياته باستهتار وتسأله لماذا ؟؟!!
يجيبك أنا شباب ويقول لك أحدهم غداً يكبر ويعقل !!
متىعندما يمر شبابه وعندما يصبح كهلا وهرما لا يقدر أن يؤدي حتى الفرائض .....وماالذي يضمن لك أنه سيكبر وسيمضي في الحياة أليس من الممكن أن يكون الله عز وجل قد قدرله الموت وهو شاب أم أن ذلك الأمر قد نزعناه من قاموس حياتنا وأخذنا انطلاقة أنالموت لا يأتي إلا لكبار السن !!


تحديد الهدف :
ومن العجب أن تجد شابا يهيم على وجهه فيالدنيا كالريشة في مهب الريح
فالشاب
الضائع أو المائع الذي ينقاد لغيره ، ألغىشخصيته فذابت مع غيره .
لابد وأن
يوطن نفسه ويستقل بذاته عن غيره كما علمنا الرسول صلى اللهعليه وسلم (لاتكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنواأنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا )سننالترمذي
ومن ندامة أهل سقر في النار والعياذ بالله(وكنا نخوض مع الخائضين)
وأذكرأن أحد مشايخنا سألنا في درس لهسؤالا قال :
لماذا يجري 22 لاعبا في مباراة كرة القدم وراء الكرة هذا يضربها
والآخر يركلها ؟
فذهب الناس مذاهب فمنا من قال لإحراز الهدف ...لا للفوزبالمباراة .....لا لإثبات المهارة في اللعب

فقال كلا ؛ إن السبب أن هذه الكرة منفوخة على الفاضي) منفوخة هواء(
وأي واحد منفوخ هواء سهل أن يُشاط (كالكرة)
الشخصيةالتافهة المائعة لا وزن لها .

فتحديد الهدف وتكوين الشخصية المتزنة القويمة أمر هام جدا لأن الذييعرفهدفه ينطلق إليه وبسرعة كالسهم .
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم


سئل نابليون : كيف استطعت أن تولد الثقة في أفراد جيشك؟ فأجاب: كنت أرد بثلاث على ثلاث، من قال: لا أقدر، قلت له: حاول، ومن قال: لا أعرف، قلت له: تعلم، ومن قال: مستحيل، قلت له: جرب.
كم وزنك بميزان الرجال:
أوزان الرجال تختلف بقدرإيمانهم وعلو همتهم وثباتهم وتأثيرهم في المجتمع حولهم وقوة الشخصية وقد أخبر الله عن خليله إبراهيم أنه كان أمة
وقال أبو بكر عن القعقاع بن عمرو : لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل "
والعرب تقول : رجل بألف وألف بنعل
وقال الشاعر في شأن بعض الناس :
قوم إذا صفعت النعال وجوههم شكت النعال بأي ذنب تصفع
فزن نفسك كم تساوي وما هو قدرك بميزان الرجال نسأل الله أن يثقل موازيننا
أحزان قلبي لا تزول *** حتى أبشر بالقبول
وأرى كتابي باليمين *** وتُسَرَّ عيني بالرسول
وأخيرا أخي الشاب احذر صحبة السوء الصحــبة الســيئـة :أخي الكريمعليك بالصحبة الصالحة عليك بصديق الخير ، أوما سمعت إلى قول نبيك صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)
واترك صديق السوء فما أفسد إنسان مثل صديق السوء وما أصلحه مثلصديق صالح
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة).
فجليس السوء هو الذي يجمل لك القبيح ويحلل لك الحرام ويهون عليك أمرالكبيرة ويجعلها ذنباً يسيراً ويحبب لك المعصية حتى يقودك شيئاً فشيئاً من سيء إلىأسوأ
أيها الشاب :
قل لي من تصاحب؟ أقول لك من أنت؟ ..
إنها قاعدة عظيمة تقرها فطرة الإنسان وطبيعته، فالنفس تؤثر وتتأثر سلبًا أو إيجابًا، وكلما كثرت الخلطة وطالت .. كثر ذلك التأثر وزاد .. وكثرة التماس تفقد الإحساس .
فالمدخنون .. مثلاً .. كان أول عود أحرقوه تقليدًا ومحاكاة، إن لم يكن أُحرق لهم من جليس أو صاحب، والآن أضحت عادة وطبعًا ..
أقول لك أيها الشاب من تحب؟ من تجالس؟ من تصاحب؟
أولئك الذي تعلق قلبك بهم .. هل ترضى أن تحشر معهم يوم القيامة؟ .. أن تكون في منزلتهم وحزبهم ...؟
أترك الجواب لك .. ولكني أذكرك وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً الفرقان:27-29.
أبو طالب حُرم الإيمان وجنة الرحمن بسبب رفقة السوء والفسوق .. فتصور حال النبي صلى الله عليه وسلم وهو فوق رأسه يقول: (يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله)، والشياطين يرددون: أترغب عن ملة عبد المطلب ..
فتمثل نفسك وقد تحشرجت روحك وأنت عند رفقائك .. هل سيذكرونك الشهادة أم ستبقى تصارع خروج الروح دون مذكر أو معين؟.
اللهماحفظ شباب المسلمين وأجرهم من الفتنواحفظهم من كل سوء
وأظلنابظل عرشك يا أكرم الأكرمين
آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق