دور الزوجة في العلاقة الحميمة فى ضوء القرآن والسنة


وضع الإسلام الشروط والواجبات للعلاقات الحميمة بين الزوج وزوجته لكي تسموا بها إلى درجة القدسية ، كيف لا والعلاقات الحميمة هي علاقات دائمة وأبدية مع أهل الجنَّة ، وهي وقتية ومحدودة مع أهل النار ، فأهل الجنَّة بتمتعهم بأنعم الله ستكون العلاقات الحميمية المثالية من نصيبهم ، وأهل النار بعذابهم وشقائهم الأزلي سوف يكونون بمنئى عن عمل أي شيء فحياتهم عذاب في عذاب أجارنا الله منها لكوننا مؤمنين ومسلمين
أختي الزوجة المسلمة:
1- كيف تكون الزوجة إيجابية في العلاقة الزوجية؟

2- وما دورها في إنجاح العلاقة الزوجية؟

3- وكيف تناول القرآن والسنة دور الزوجة في هذه العلاقة؟

هذا ما سنعرفه مع هذه الوقفات مع آيات الله تعالى..

إن لنا مع آيات وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم وقفات فيما يخص العلاقة الحيمية بين الزوجين، فتأملي معي أختي المسلمة قوله تعالى:

أولا ـ ((نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم)) [البقرة:223]، ففي الآية أمر للزوجين أن يقدموا لأنفسهم، وهي التهيئة المعنوية والإعداد النفسي قبل تمام العملية الجنسية، فكلا الزوجين مطالب أن يقدم للآخر الركن المعنوي والراحة النفسية والانسجام الروحي من معين لا ينضب وهو معين المودة والرحمة.

كما أوضح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقدم لأنفسنا بالقبلة والكلام، وفي هذا إطالة لأمد المراحل الأولى من الجماع بما يحقق متعة ليس للمرأة فقط بل للزوجين معًا، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يرتمي أحدكم على امرأته كما ترتمي البهيمة، اجعلوا بينكم وبين الجماع رسولا))، قالوا: وما هو الرسول يا رسول الله؟ قال: ((القبلة والكلام)).

ثانيًا ـ ((أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)) [البقرة:187]، قد فُسِّر الرفث في الآية بأنه الجماع، وفُسِّر بأنه مقدمات الجماع، وأيضًا الكلام حول هذا الموضوع.

ثالثًا ـ ((هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)) [البقرة:187]، واللباس ساتر وواق، وكذلك هذه الصلة بين الزوجين تستر كلًا منهما وتقيه.

والتعبير القرآني تصوير رائع لعلاقة الجسد وعلاقة الروح في آن واحد، فاللباس ألصق شيء ببدن الإنسان وهو الستر الذي يستتر به، وهو في الوقت ذاته مفصل على قده لا ينقص ولا يزيد، والرجل والمرأة ألصق شيء بعضها ببعض: يلتقيان فإذا هما جسد واحد وروح واحدة وفي لحظة يذوب كل منهما في الآخر فلا تعرف لهما حدود.

والتعبير أيضًا يظهر شكل من أشكال المباشرة بين الزوجين، وهو دلالة على ذلك إلى جانب أن يميل عليها وتميل عليه في انعطاف مثير؛ فتكون له كالغطاء والستر أحيانًا، ويكون لها كذلك أحيانًا.

إن العاطفة ـ في اللقاء الزوجي ـ يجب أن يسبقها مقدمات ويليها متممات معينة للوصول إلى قمة المتعة، فالجنس من أهم وأمتع زينة الدنيا ((المال والبنون زينة الحياة الدنيا)) [الكهف:46]، ولفظ البنون من أدب القرآن، إذ قد يُراد به ما يسبق البنين، وفي الآية الأخرى التصريح ((زُين للناس حب الشهوات من النساء)) [آل عمران:14]، فشهوة النساء: أي الجنس، محببة لدى الرجال، وما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء.

وفي الحديث النبوي صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حين يقول: ((حُبّب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجُعلت قرة عيني في الصلاة)) [صححه الألباني].

أختي الزوجة المسلمة،
إن المعاشرة الزوجية دليل محبة وارتباط بين الزوجين، كما أنها مصدر أنس وعلامة من علامات السعادة، لأن إعطاء ما في النفس من حب ومشاعر، وأخذ الحب والمشاعر ـ في جو غرفة النوم ـ أمر يحتاج إليه الإنسان ليزداد نشاطًا وحيوية وانطلاقًا في المجتمع.

وقد تتضايق الزوجة من أن زوجها لا يُعبر عن حبه لها إلا في غرفة النوم، أو عند المعاشرة الخاصة، لكن هذا الضيق لا مجال له، وإن على الزوجة ألا تأخذ على زوجها ذلك؛ فإنه في هذه اللحظات يكون في قمة انطلاقه العاطفي، ولتستجب له، ولتكن معاشرتها إيجابية، ولا يُشعر أحد الطرفين الآخر بأنه يجاريه في المعاشرة كأداء واجب، فإن هذا من الأمور التي تقتل ود المعاشرة بين الزوجين وتفقدها حيويتها.

رابعًا ـ ((أفضى بعضكم إلى بعض)) [النساء:21]، أي كيف تأخذون الصداق من المرأة، وقد أفضيت إليها وأفضت إليك، قال ابن عباس: يعني الجماع، والجماع يشمل: التمهيد والمداعبة والتشويق، وما بعد المداعبة، وذروة الملامسة، وما بعدها يمكن أن نسميه (الاتحاد الحسي) أو (المشاركة النفسية الحسية)، ومن ضرورات هذه المشاركة المساواة في الحقوق وفي الاستمتاع وفي الاتحاد الحسي.

فالمعاشرة الزوجية يشترك في أدائها الزوجان، ويتعاونان على تحقيق التوازن النفسي من خلالها، لكن المعاشرة الزوجية لها آدابًا ينبغي مراعاتها، كما أن لها معايير ينبغي عدم تجاوزها، وأنجح العلاقات الزوجية ما يكون فيها الزوجان متناوبي الأدوار في هذا الأمر، فمرة يكون الزوج هو المانح، ومرة يكون هو الآخذ، وكذلك الزوجة، مرة تكون هي المانحة، ومرة تكون هي الآخذة، فتبادل الأدوار بين الزوجين حسب رغبتهما وتعاونهما جميعًا على الأخذ والعطاء يؤثر تأثيرًا إيجابيًا في العلاقة الزوجية، وتصبح عندها النفوس مستقرة تملؤها المحبة والمودة.
مواصفات العلاقة الجنسية الناجحة
وقد يسأل بعض الأزواج عن مواصفات العلاقة الجنسية الناجحة، ولا شك أن العلاقة الجنسية الناجحة بين الزوجين هي التي تتم ضمن جو من المحبة والاحترام والتقدير بين الزوجين، وليس في جو من السيطرة من طرف على الآخر.

وقد أشارت الدراسات إلى أن بعض الصعوبات الجنسية يمكن أن تحدث عند عدد كبير من الأزواج، وحتى الذين تجمع بينهما علاقة زوجية سعيدة في الجوانب الأخرى للعلاقة الزوجية.

وقد وُجد أيضًا أن معظم هذه الصعوبات تتحسن بشكل جذري بمجرد أن يحاول الزوجان إعطاء متسع من الوقت للحديث واللمس وعدم التسرع في هذا الأمر، إن هذا البطء في التفاعل يشعر كل طرف بأن الآخر سعيد جدًا من هذه العلاقة، وأنه يعطيها كل وقته واهتمامه، وأنه لا شك مستمتع بهذه الصحبة والعلاقة، إن هذا الاطمئنان يعطي الطرفين أرضية طيبة لبناء المحبة والارتباط.

وفي مثل هذا الجو من المحبة والتفاهم يستطيع الزوجان الحديث فيما يرغبان به، وما يسعدهما في علاقتهما الزوجية والجنسية على حد سواء، وقد وُجد أن الزوجين يكونان أكثر سعادة عندما يتمكنان من المصارحة في الحديث معًا عن الجنس والجماع، وعما يشعر بها كل منهما، وما يريده وما يرغب به، وعن مشاعره وخيالاته، وعن المشاعر والمواقف السلبية، ولكن مع الانتباه إلى التفريق بين مشاركة هذه التجارب السلبية مع الطرف الآخر وبين الدخول في مشاجرة ونزاع وجدل، فكل المشكلات قابلة للحل ويمكن نقاشها، ولكن في الوقت المناسب وليس وقت المداعبة والاقتراب.

خامسًا ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله: ((هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك)) [متفق عليه]، فانظري إلى هذا الحث من النبي صلى الله عليه وسلم على ملاعبة الزوجة للزوج، وملاعبة الزوج للزوجة، فإنها مما يغرس الحب في قلب الزوجين والسكينة، وتتم به المتعة، وتحدث به الألفة.

والمداعبة قد تأخذ أي صورة يحبها ويتفق عليها الزوجان وتحقق لهما المتعة والسعادة ولا تقتصر على الفراش، بل قد تكون في الاغتسال معًا، أو غيره من أشكال التلطف والمداعبة التي يحبها الزوجان، وهي من أسرارهما ولهما أن يبدعا فيها كما يحبان ما دامت تحقق لهما الإحصان والسكن وتخلو من محرمات حرمها الله.

هذه هي المرأة المسلمة التي لها دور إيجابي في العلاقة الزوجية، وإيجابية الزوجة عامل أساس لنجاح الحياة الزوجية، وقد جاءت الروايات لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((هلا جارية تلاعبها وتلاعبك)) [متفق عليه]، وفيه زيادة أيضًا: ((تضاحكها وتضاحكك)) [متفق عليه]، وفي رواية محارب بن دثار: ((مالك وللعذارى ولعابها)) [رواه البخاري].

والمقصود من كل ذلك هو المبادلة سواء في الملاعبة أو المضاحكة أو الإثارة، وإشعار الزوج بأنها تحب منه ما يحب منها، فكوني ظريفة، لطيفة، مرحة، وعليك بالمزاح والدلال، ولا يفوتك أمر هام في العلاقة الزوجية؛ أن تبدأ المرأة بإثارة الرجل ـ الزوج ـ الذي يخرج كل ما في جعبته على الأثر فتحصل للمرأة المتعة المطلوبة.

إن النظرة، والكلمة، واللمسة، والعطر، وغيرها من وسائل الإثارة تنبه المراكز العصبية الموجودة في المخ والمسئولة عن الجنس، فكل ما على الزوجة عمله هو الإثارة، ثم التفاعل الوجداني مع الزوج أثناء ذلك، والانصياع له، والليونة تحت يديه، والخفة، والرقة، والتودد، والإثارة بما يشعره بتبادل المشاعر ومشاركة اللذة فيزيد في المتعة.

وهنا يكمن السر في المعاشرة؛ ألا وهو اللطف واللين والمداعبة والملاعبة واختيار الوقت المناسب بذلك يعيش الزوجان حياة هانئة يستمتعون فيها بكل أوقاتهم، يتفهم كل منهما نفسية الآخر، والأوقات المحببة إلى النفس، وتهيئة النفس لذلك والتعود عليها.

ومن النماذج الرائعة في فن الملاعبة والمداعبة بين الزوجين أذكر لكِ أختي الزوجة ما تحكيه السيدة عائشة رضي الله عنها تصف حالها وواقعها مع زوجها الكريم صلى الله عليه وسلم فتقول: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناول النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه ـ أي فمه ـ على موضع فيّ فيشرب صلى الله عليه وسلم) [رواه مسلم]، بل كان يضع رأسه صلى الله عليه وسلم في حضنها وهي حائض.

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها تحكي وتقول: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد بيني وبينه فيبادرني، حتى أقول: دع لي، دع لي)، قالت: (وهما جنبان) [متفق عليه].

ومع الدلال والملاعبة يستحب للمرأة مراعاة بعض الآداب منها:
1ـ التجمل والتزين للزوج: وهو مقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن خير النساء: ((التي تسر إذا نظر)) [صححه الحاكم].

2ـ تلمح مراد الزوج أثناء الجماع: قال ابن الجوزي: (ينبغي للمرأة العاقلة أن تتلمح مقصود الرجل فتتبعه).
3ـ اتخاذ خرقة لمسح الأذى عند الجماع: ويُستحب للمرأة أن تتخذ خرقة تمسح بها الأذى عن نفسها وعن زوجها عقب الجماع، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (ينبغي للمرأة إذا كانت عاقلة أن تتخذ خرقة، فإذا جامعها زوجها ناولته، فيمسح عنه، ثم تمسح عنها فيصليان في ثوبهما ذلك ما لم تصبه جنابة) [صححه الألباني].

أختي الزوجة
من الظفر أن تكوني ذات دين وخلق، ورائع أن تكوني طاهية من الطراز الأول، وسعادة أن تكوني جميلة، وسرور أن تكوني مرحة، وفخر أن تكوني ذات علم وثقافة، ولكن هذه الصفات الجميلة لا بد معها أن تكوني على خبرة في الحب والعاطفة والتوافق الجنسي وإشباع رغبات الزوج على كل المستويات؛ ذلك أن عدم التفاعل مع الزوج من الناحية العاطفية والجنسية سيجعل الزوج يتجاهل كثيرًا من الصفات الأساسية ويبدأ في تصنع المشكلات التي لا أساس لها من الصحة.
اسال الله العظيم ان يغض ابصارنا ويحصن فروجنا ويقر اعيننا بازواجنا وذرياتنا والمسلمين اجمعين


(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)


مع أطيب تمنياتي بموفور الصحة والسعادة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق