الشهوة المفرطة .. ليست دليلاً على سوء الخُلق!!

المشكلة


من فضلك ساعدني يا دكتور أنا عندي مشكلة كبيرة جداً، أنا آنسة عندي 26 سنة مخطوبة لإنسان عنده 38 سنة، وعرفت إنه شهواني لأبعد الحدود وأحياناً كثيرة يحدّثني عن أشياء جنسية صريحة، وقد دفعني ذلك إلى أن أخاف منه جداً على الرغم من أنني أحبه جداً جداً جداً، فهل يكون الإنسان الشهواني إلى هذا الحد البعيد أن يكون ذا أخلاق سيّئة.. وكيف أتعامل معه بعد الزواج ومع رغبته الشديدة تلك؟؟!!





آسفة للتطويل، ولكني أشعر بالاختناق الشديد من هذا الموضوع، ولا أستطيع إخبار أحد ولا حتى أمي بذلك؛ فأخبريني بالله عليك ماذا أفعل؟


العلاج
آنستي العزيزة هناك نقاط قليلة استوقفتني في مسألتك.. دعينا نتأملها سوياً:
أولاً: فارق السن بينكما؛ فهناك 12 سنة فارق في العمر بينه وبينك، هذه السنوات كانت ممتلِئة بالشهوة الجنسية لدى خطيبك، وقد كان آنذاك في أكثر سنوات عمره تأججاً من ناحية الرغبة الجنسية، ولكن بما أنه لم يكن متزوجاً على مدى هذه السنين الطوال فقد ادخر كل هذه التراكمات؛ حتى يصبها على من سيحبها وستشاركه حياته وهي أنتِ.


ثانياً: أضيفي إلى ذلك طبيعة الغريزة الجنسية ذاتها وهي التي تربو في كميتها لدى الرجل حوالي عشرة أضعافها لدى المرأة؛ فهذا على ذاك أثمر الرغبة العارمة لدى خطيبك.


ثالثاً: تقولين أنك تحبينه جداً جداً وهو بالقطع يستشعر ذلك، ولقد ترجم هو ذلك الحب من ناحيتك إلى افتراض رغبة من داخلك أنتِ الأخرى لابد أنها توازي رغبته كماً وكيفاً، وذلك خطأ شائع يقع فيه كثير من الشباب وحتى بعد الزواج ويتعجبون من عدم إقبال زوجاتهم عليهم بنفس مقدار إقبالهم عليهن ثم يبدأ سيل الاتهامات الموجهة إلى الزوجة آنذاك بدءاً من أنها لم تعد تحبه إلى إصابتها بالبرود الجنسي المستفحل.

رابعاً: أما الخطأ الأكبر الذي وقع فيه خطيبك هو استعجاله الحديث في هذه الأمور، والخطأ الأكبر الذي وقعت فيه أنتِ هو أنك لم تصديه عن هذا الكلام.. أما هو فقد اعتبر أنكما زوجان ولم يخطر بباله وربما تجاهله مسألة عدم جواز وجود محادثات كهذه إلا بين الأزواج -أي بعد عقد القران- أما أنتِ فقد سكتِ مدفوعة بحبك له وخوفاً من غضبه منك أو حنقه عليك.. وعلى ذلك فقد وصلت الأمور إلى هذا الحد؛ لأنه ببساطة شديدة يا آنستي العزيزة ما بُني على باطل فهو باطل؛ ولأن بداية الأمر كان مسلكاً حراماً واستمراره كان استحساناً وطيبة منك لهذا الكلام الذي كان يرضي فضولك كشابة ويرضي أنوثتك كامرأة في بداية الأمر فقد نزع الله البركة من العلاقة ونزع رضاكِ عنها واستحسانكِ لها، وهكذا دائماً طريق الشيطان يا فتاتي أوله ورود وآخره شوك وهلاك.

وأخيراً مع الحل يا فتاتي: كوني شجاعة مع خطيبك وتوفقي عند هذا الحد وواجهيه بأنك لا ترضين عن هذا الوضع، وأن هذا ليس الوقت ولا الظروف المناسبة لحديث كهذا، وأجبريه على تأجيل ذلك من حيث القول والفعل إلى ما بعد عقد القران؛ لعل الله أن يُبارك فيما أعطى ويكتب لكما السعادة بما أنعم عليكما من جمع في حلال تحت سقف الحب وداخل جدران التفاهم والمودة والرحمة، واطمئني يا فتاتنا العزيزة فإن هذا ليس بالضرورة نذيراً سيئاً عن أخلاقه أو سلوكه، ولكن ربما يكون نتاج هذا الكبت المشاعري الذي كان يبذله مع نفسه منذ بلوغه أي على مدى أكثر من عشرين عاماً تقريباً.

لقد أحسنت صنعاً يا فتاتي بعدم إبلاغك أحداً بهذا فقد تسيئين لنفسك برواية شيء كهذا قبل أن تسيئي إليه وببساطة قد تسألك والدتك أو غيرها ولماذا تتركينه يقول لك هذا الكلام وكيف تسمحين له بذلك؟

وهذا أبسط ما يمكن أن يقال آنذاك أما عن الجزء الثاني من تساؤلك، فأؤكد لكِ أن كل شاب مقبل على الزواج يكون على هذه الشاكلة من الشهوة المستقرة، ولكن على الجانب الآخر لا تتعودي على السكوت على ما لا ترضين عنه أو لا يرضى عنه خلقك أو دينك بدافع الحب فقط؛ فدور الزوجة أسمى من هذا بكثير وأبسط الأشياء هي أنه سيكون عليك أن تردعي زوجك عن خطأ ما أو أن تغيري فيه خلقاً ما أو أن تثنيه عن قرار ما طالما لا يتواءم مع ما شرعه الله أو مع ما يحبه الله ويرضاه.

أما الاكتفاء بالشجب والتنديد والاستنكار والشكوى ليس هذا من شيم الزوجة الصالحة.. وأخيراً ندعو لك جميعاً يا فتاتنا بالصلاح والسعادة في الدنيا والآخرة وأن يمتعك الله بزوجك ويمتعه بك في حلال خالص لا تشوبه شائبة.


مع أطيب تمنياتي بموفور الصحة والسعادة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق