احنا بتوع الشعب يريد

احنا بتوع الشعب يريد ..... ...... احنا بتوع الأتوبيس ... هذا الفيلم يصور حقبة قاتمة السواد حالكة الظلمة يراد لنا أن نعود اليها من خلال تنصيب شفيق رئيسا لمصر وبدعم كامل من العسكر والمخابرات ...
كنا نعيش فيها حالة من الرعب والذل والهوان لدرجة أن خناقة فى الأتوبيس يمكن أن تقود الانسان العادى البسيط الى المعتقلات السياسية حيث يجبر تحت التعذيب الوحشى على أن يوقع وهو فى كامل قواه العقلية أنه ارهابى معاد للدولة ونظام الحكم !


ويشاء السميع العليم أن تقوم ثورة على ذلك النظام القمعى لتتبدل النبرة الخانعة المستكينة من ( يا بيه احنا بتوع الأتوبيس ) الى نبرة قوية عزيزة ( الشعب يريد اسقاط النظام ) ... ليس هذا فحسب ... بل الأهم من ذلك أننا عشنا أيام الثورة حالة من النبل والرقى الأخلاقى والشهامة والايثار ونكران الذات لم نعهدها منذ زمن بعيد نسينا خلاله تلك القيم السامية والمعانى النبيلة بعد أن انتشرت مقولات من نوعية ( عيش نذل تموت مستور ! ) ...


لقد كانت فرحتى بهذه الروح الجديدة أكبر من فرحتى بنجاح الثورة وسقوط النظام لأن هذه الروح كانت تمثل مؤشرا على قوة جهاز المناعة الأخلاقى فى النسيج المجتمعى ودليلا على وجود حصانة نفسية ضد محاولات الاختراق ... وهل يمكن أن ننسى مشهد الشباب القبطى وهو يحرس المصلين فى الميدان أو مشهد الشباب السلفى وهو يحرس الكنائس ؟!


لقد كانت هذه الروح وهذا النقاء الثورى هو العامل المؤثر والحاسم فى معركة الجمل التى قصمت ظهر البعير وعجلت بسقوط البقرة الضاحكة بعد رفع الأحذية ... ليسدل الستار على أجمل مشهد وأكبر فرحة عاشتها مصر منذ هزيمة المغول فى عين جالوت ...


لكن عين جالوت العصر ومجلسه العسكرى الذى ظننا أنه حامى حمى الثورة عادت لتطل علينا بعد عام ونصف ليخرج طنطاوى لسانه للشعب قائلا : ( لقد تم حل مجلسكم الذى اخترتموه بارادتكم فلا مجلس الا مجلسنا العسكرى ! ) ... ( وكله بالقانون ! ) ... فالقضاء الذى حكم بشرعية مجلس أحمد عز هو نفس القضاء الذى حكم بالقضاء على أول مجلس منتخب بارادة شعبية فى تاريخ مصر القدي والحديث !


وبدأت روح الخنوع تتسرب الى بعض النفوس الضعيفة التى تقول بلسان الحال ( لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) بعد أن ملأت الميدان بالأمس بصيحة ( يسقط يسقط حكم العسكر ) ... وبعد أن أشعلوا الميدان بأصواتهم بالأمس اذا بهم يبطلون أصواتهم فى أكثر المواقف حرجا!


فما الذى حدث وما الذى تغير ؟ وكيف ؟ هذا يحتاج منا الى انعاش الذاكرة الجمعية وترتيب الأحداث وتحديد المواقف ورصد حالات تغيير الجلود واختفاء بعض الوجوه ثم ظهورها وفقا لتطورات مجريات الأحداث ... فعلى سبيل المثال لا الحصر استطعنا أن نرصد اختفاء ثعبان سام من وسائل الاعلام اسمه مجدى الدقاق والذى كان يشغل منصب مسؤول التثقيف بالحزب الوطنى ليستبدل بثعبان أشد خطورة وهو ابراهيم عيسى ... وسر خطورة ابراهيم عيسى أنه كان يمثل دور المعارض للنظام والمفجر لقضية مصيرية هى صحة السيد الرئيس وذلك بعد مرور أكثر من ربع قرن على جلوسه على كرسى الحكم !


هذا المثال وهذه الملاحظة تجعلنا نتنبه لأهمية استبدال بعض الأوراق الاعلامية والاستعاضة بوجوه عن وجوه ... فالقاسم المشترك بين هذين الثعبانين هو شدة العداء للاسلاميين ولكل ما هو اسلامى والفارق بينهما هو لون الجلد فقط ... فهذا جلده ( حزب وطنى ) وذاك جلده ( معارض سياسى ) ... أما محتوى الخطاب فسم ناقع وتشويه متعمد وتضليل مقصود ...


والان لندع ابراهيم عيسى والدقاق جانبا ونلقى نظرة على صورة الاخوان بعد نجاح الثورة ثم نقارن بينها وبين صورة الاخوان الان ... ولنطرح سؤالا بسيطا يفرض نفسه بقوة ... هل كان يمكن لعاقل - بعد نجاح الثورة - أن يصدق أن الاخوان هم قتلة الثوار فى الميدان ... وهل كان يمكن لأحد أن يشكك فى مصداقيتهم بعد أن عرف القاصى والدانى وبعد شهادة المبغض والمتعاطف أنهم هم الذين قاموا بحماية الثوار فى أشد المواقف صعوبة حين كان فشل الثورة يعرض رقابهم لحبال المشانق ... أما الان فالمسألة فيها نظر ... ولم لا ؟!


ومن هو الذى يطلق هذا الاتهام ؟ انه رئيس وزراء موقعة الجمل ! ولا يمكن لنا أن نغفل عن التوقيت بصرف النظر عن سخافة وبلادة الاتهام ومن أطلقه ... التوقيت جاء بعد تهيئة طويلة ومتأنية للرأى العام تخللتها رحلة تشكيك وقصف اعلامى متواصل خرج عن كل حدود المنطق واستهتر بأصول المهنية واستخف بعقول الناس ... وفى النهاية يتحول الاخوان من أبطال الميدان الى قتلة الثوار ... وبالتالى فلابد من حل جماعة الاخوان وحزب الحرية والعدالة الذى يعتبر الفصيل السياسى الأكثر انتشارا والأقوى تنظيما بين أحزاب كارتونية أو مجهرية لا يعرف عامة الناس حتى أسماء معظمها ... ( وكله بالقانون ! ) ... لنصل الى مشهد القبض على رموز الجماعة وسط هتافات الجموع ( يسقط يسقط حكم المرشد ! ) بينما الاخوان يصيحون : والله العظيم دا احنا بتوع الشعب يريد ..... ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق