حملة الجنرال فريزر على مصر
فى 31 مارس ذكرى انتصار شعب مدينة رشيد بمحافظة البحيرة علي الحملة الانجليزية بقيادة الجنرال فريزر عام1807.
كان قد مضى عامان على تولي محمد علي حكم مصر ، وكان الإنجليز انتهزوا الصراع بين الوالي محمد علي والمماليك فاتفقوا مع محمد بك الألفي زعيم المماليك علي أن يؤيد الحملة البريطانية في مقابل أن تكفل إنجلترا للمماليك الاستيلاء علي مقاليد البلاد.
مصر أيام حملة فريزر
لكن الألفي مات قبل أن وصول هذه الحملة الي مصر، وكانت الخطة زحف المماليك إلى القاهرة ليحتلوها، والانجليز يحتلون بأسطولهم موانيء مصر.
والبداية كان ثغر رشيد بعده يزحفون إلى الدلتا ويحتلون القاهرة, لإسقاط حكم محمد علي، على أن يعاونهم المماليك عملاؤهم في مصر ولاسيما جبهة الألفي بك.
وكان الجنرال فريزر بالإسكندرية قد تلقي تقريرا من قنصل إنجلترا في رشيد عن حالة مصر وما بها من قوات مما جعله يزحف برا إلى رشيد لاحتلالها واتخاذها قاعدة حربية لقواته. وكُلف القائد ويكوب بهذه المهمة العسكرية، وكان معه ألف جندي.
وتتلخص المعركة عندما نزل الإنجليز إلى الإسكندرية، وزحفوا منها إلى رشيد وتظاهر أهل رشيد بتسليم المدينة، وما إن دخل الجنود إلى حاراتها حتى انهمر عليهم الرصاص كالمطر وقاوم كل رجل وامرأة في المدينة، وسقط الكثيرون من جنود الإنجليز صرعى في الشوارع، فقتل الجنرال ويكوب، وقتل الكثير من ضباطه، فاستولى الذعر على نفوس الإنجليز ولاذوا بالفرار وانتهت الواقعة بهزيمة الجيش الإنجليزي وارتداد الأحياء منه عن رشيد في حالة يأس وفشل.
أهالي رشيد وحملة فريزر
والتاريخ يحكي لنا أنه في يوم19 مارس من ذلك العام صارت حملة فريزر الإنجليزية بحملة قوامها1600 جندي تحركت من الإسكندرية سيرا علي الأقدام إلي مدينة رشيد بين كثبان الرمال علي شاطيء البحر المتوسط في ظلال النخيل وبالقوارب حتى غروب الشمس يوم30 مارس ثم خلدوا الي الراحة عند مرتفعات منطقة مسجد سيدي أبو مندور علي شاطيء نهر النيل فرع رشيد جنوب مدينة رشيد.
وفي السابعة صباح يوم31 مارس كانت العمليات العسكرية معدة ودخلت جيوش الانجليز مدينة رشيد وكانت خطة حاكم المدينة علي بك السلانكلي أن أصدر أمرا لأهلها بالسكون والاختفاء داخل منازلهم حتى إذا أعطى لهم إشارة بدأوا المعركة.
ودخل الإنجليز المدينة الهادئة ولم يجدوا أمامهم عدوا يواجهونه ولكن سرعان ما انطلقت وعلت من فوق مئذنة مسجد زغلول وسط المدينة صيحة "الله أكبر" وإذا بحماة المدينة في المنازل وقد أخذوا يطلقون النيران وصارت الشبابيك الصغيرة تقذف نيرانها عليهم وكانت أسطح المنازل خطوط دفاع محكمة, والمقاومة الشعبية على أشدها وتشتت شمل الجنود والضباط الإنجليز ولم تستمر المعركة أكثر من ساعتين وفق الخطة الموضوعة, وأراد القائد الانجليزي فريزر قائد الحملة بعدها أن ينتقم من أهل رشيد فأرسل حملة أخري من أربعة آلاف جندي فانقض عليهم أهالي رشيد وأهالي قرية الحماد التابعة لها كالصواعق وأخذت النيران تحصد الانجليز ما بين قتيل وجريح ووقع بعضهم في الأسر.
يقول الرافعي:- "إن الفضل الأكبر في هذا النصر يرجع للأهالي ـ وأن الحامية العسكرية بالمدينة كانت قليلة، وأن أهالي رشيد كانوا قد رفضوا مددا من الجنود عرضته عليهم القاهرة وقتها".
يلخص لنا الجبرتي المعركة برمتها قائلا :-
"وكذلك أهل البلاد قويت همتهم وتأهبوا للبروز والمحاربة، واشتروا الأسلحة ونادوا على بعضهم بعضا بالجهاد، وكثر المتطوعون ونصبوا لهم بيارق وأعلاما، وجمعوا من بعضهم دراهم، وصرفوا على من انضم إليهم من الفقراء وخرجوا في مواكب وطبول وزمور، فلما وصلوا إلى متاريس الانجليز دهموهم من كل ناحية على غير قوانين حروبهم وترتيبهم، وصدقوا في الحملة عليهم وألقوا أنفسهم في النيران ولم يبالوا بزيهم، وهجموا عليهم واختلطوا بهم وأدهشوهم بالتكبير والصياح حتى أبطلوا رميهم ونيرانهم وقبضوا عليهم وذبحوا الكثير منهم وحضروا بالأسرى والرءوس على الصورة المذكورة وفر الباقون إلى من بقي في الإسكندرية، وليت العامة شكروا على ذلك أو نسب إليهم فضل ـ بل نسب كل ذلك للباشا وعساكره وحوربت العامة بضد الجزاء بعد ذلك".
وقد بادر حاكم رشيد بعد الموقعة إلى إيفاد الأسرى الانجليز إلى القاهرة ومعهم رءوس قتلاهم ليكون ذلك إعلانا للنصر الذي نالته رشيد، ثم ليبعث هذا المنظر في نفوس الجنود والشعب روح الأمل والثقة.
نتيجة لهذه الهزيمة انسحب الانجليز من مصر بالكامل وأصبح اسم رشيد في المؤلفات التاريخية والعسكرية, وظلت هذه المعركة مصدر الهام ووحي للصحفيين والمفكرين والأدباء حتي كتب ابن رشيد الأديب والشاعر الراحل الدكتور علي الجارم قصته " غادة رشيد" عقب الحملة الفرنسية على رشيد بقيادة الجنرال "مينو" وزواجه من زبيدة البواب, كما بدأ جمال عبد الناصر مقدمة قصته "في سبيل الحرية" وهو طالب ثانوي عن معركة رشيد.
وفي19 سبتمبر عام 1959 زار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مدينة رشيد ووزع الجوائز المالية علي الفائزين من كتاب مصر ممن أكملوا القصة التي كتبها وهو طالب, وافتتح متحف آثار رشيد الذي يوجد به نص خطاب مرسل من قائد الحملة الانجليزية الثانية علي رشيد, ويشير الي فداحة الخسائر التي منيت بها الحملة الانجليزية علي رشيد ويطلب المدد .
يشار إلى أنه مؤخرا تم الانتهاء من عمليات التجديد والتطوير في متحف رشيد الإسلامي بعد معاناة وإهمال شديد، بتكلفة وصلت 4 ملايين جنيه مصري.
تجديد المتحف يأتي بعد نحو 50 عاما من افتتاحه للمرة الاولى كما تم تجديد الآثار المحيطة به لتصبح المنطقة بأسرها متحفا تاريخيا مفتوحا.
فى 31 مارس ذكرى انتصار شعب مدينة رشيد بمحافظة البحيرة علي الحملة الانجليزية بقيادة الجنرال فريزر عام1807.
كان قد مضى عامان على تولي محمد علي حكم مصر ، وكان الإنجليز انتهزوا الصراع بين الوالي محمد علي والمماليك فاتفقوا مع محمد بك الألفي زعيم المماليك علي أن يؤيد الحملة البريطانية في مقابل أن تكفل إنجلترا للمماليك الاستيلاء علي مقاليد البلاد.
مصر أيام حملة فريزر
لكن الألفي مات قبل أن وصول هذه الحملة الي مصر، وكانت الخطة زحف المماليك إلى القاهرة ليحتلوها، والانجليز يحتلون بأسطولهم موانيء مصر.
والبداية كان ثغر رشيد بعده يزحفون إلى الدلتا ويحتلون القاهرة, لإسقاط حكم محمد علي، على أن يعاونهم المماليك عملاؤهم في مصر ولاسيما جبهة الألفي بك.
وكان الجنرال فريزر بالإسكندرية قد تلقي تقريرا من قنصل إنجلترا في رشيد عن حالة مصر وما بها من قوات مما جعله يزحف برا إلى رشيد لاحتلالها واتخاذها قاعدة حربية لقواته. وكُلف القائد ويكوب بهذه المهمة العسكرية، وكان معه ألف جندي.
وتتلخص المعركة عندما نزل الإنجليز إلى الإسكندرية، وزحفوا منها إلى رشيد وتظاهر أهل رشيد بتسليم المدينة، وما إن دخل الجنود إلى حاراتها حتى انهمر عليهم الرصاص كالمطر وقاوم كل رجل وامرأة في المدينة، وسقط الكثيرون من جنود الإنجليز صرعى في الشوارع، فقتل الجنرال ويكوب، وقتل الكثير من ضباطه، فاستولى الذعر على نفوس الإنجليز ولاذوا بالفرار وانتهت الواقعة بهزيمة الجيش الإنجليزي وارتداد الأحياء منه عن رشيد في حالة يأس وفشل.
أهالي رشيد وحملة فريزر
والتاريخ يحكي لنا أنه في يوم19 مارس من ذلك العام صارت حملة فريزر الإنجليزية بحملة قوامها1600 جندي تحركت من الإسكندرية سيرا علي الأقدام إلي مدينة رشيد بين كثبان الرمال علي شاطيء البحر المتوسط في ظلال النخيل وبالقوارب حتى غروب الشمس يوم30 مارس ثم خلدوا الي الراحة عند مرتفعات منطقة مسجد سيدي أبو مندور علي شاطيء نهر النيل فرع رشيد جنوب مدينة رشيد.
وفي السابعة صباح يوم31 مارس كانت العمليات العسكرية معدة ودخلت جيوش الانجليز مدينة رشيد وكانت خطة حاكم المدينة علي بك السلانكلي أن أصدر أمرا لأهلها بالسكون والاختفاء داخل منازلهم حتى إذا أعطى لهم إشارة بدأوا المعركة.
ودخل الإنجليز المدينة الهادئة ولم يجدوا أمامهم عدوا يواجهونه ولكن سرعان ما انطلقت وعلت من فوق مئذنة مسجد زغلول وسط المدينة صيحة "الله أكبر" وإذا بحماة المدينة في المنازل وقد أخذوا يطلقون النيران وصارت الشبابيك الصغيرة تقذف نيرانها عليهم وكانت أسطح المنازل خطوط دفاع محكمة, والمقاومة الشعبية على أشدها وتشتت شمل الجنود والضباط الإنجليز ولم تستمر المعركة أكثر من ساعتين وفق الخطة الموضوعة, وأراد القائد الانجليزي فريزر قائد الحملة بعدها أن ينتقم من أهل رشيد فأرسل حملة أخري من أربعة آلاف جندي فانقض عليهم أهالي رشيد وأهالي قرية الحماد التابعة لها كالصواعق وأخذت النيران تحصد الانجليز ما بين قتيل وجريح ووقع بعضهم في الأسر.
يقول الرافعي:- "إن الفضل الأكبر في هذا النصر يرجع للأهالي ـ وأن الحامية العسكرية بالمدينة كانت قليلة، وأن أهالي رشيد كانوا قد رفضوا مددا من الجنود عرضته عليهم القاهرة وقتها".
يلخص لنا الجبرتي المعركة برمتها قائلا :-
"وكذلك أهل البلاد قويت همتهم وتأهبوا للبروز والمحاربة، واشتروا الأسلحة ونادوا على بعضهم بعضا بالجهاد، وكثر المتطوعون ونصبوا لهم بيارق وأعلاما، وجمعوا من بعضهم دراهم، وصرفوا على من انضم إليهم من الفقراء وخرجوا في مواكب وطبول وزمور، فلما وصلوا إلى متاريس الانجليز دهموهم من كل ناحية على غير قوانين حروبهم وترتيبهم، وصدقوا في الحملة عليهم وألقوا أنفسهم في النيران ولم يبالوا بزيهم، وهجموا عليهم واختلطوا بهم وأدهشوهم بالتكبير والصياح حتى أبطلوا رميهم ونيرانهم وقبضوا عليهم وذبحوا الكثير منهم وحضروا بالأسرى والرءوس على الصورة المذكورة وفر الباقون إلى من بقي في الإسكندرية، وليت العامة شكروا على ذلك أو نسب إليهم فضل ـ بل نسب كل ذلك للباشا وعساكره وحوربت العامة بضد الجزاء بعد ذلك".
وقد بادر حاكم رشيد بعد الموقعة إلى إيفاد الأسرى الانجليز إلى القاهرة ومعهم رءوس قتلاهم ليكون ذلك إعلانا للنصر الذي نالته رشيد، ثم ليبعث هذا المنظر في نفوس الجنود والشعب روح الأمل والثقة.
نتيجة لهذه الهزيمة انسحب الانجليز من مصر بالكامل وأصبح اسم رشيد في المؤلفات التاريخية والعسكرية, وظلت هذه المعركة مصدر الهام ووحي للصحفيين والمفكرين والأدباء حتي كتب ابن رشيد الأديب والشاعر الراحل الدكتور علي الجارم قصته " غادة رشيد" عقب الحملة الفرنسية على رشيد بقيادة الجنرال "مينو" وزواجه من زبيدة البواب, كما بدأ جمال عبد الناصر مقدمة قصته "في سبيل الحرية" وهو طالب ثانوي عن معركة رشيد.
وفي19 سبتمبر عام 1959 زار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مدينة رشيد ووزع الجوائز المالية علي الفائزين من كتاب مصر ممن أكملوا القصة التي كتبها وهو طالب, وافتتح متحف آثار رشيد الذي يوجد به نص خطاب مرسل من قائد الحملة الانجليزية الثانية علي رشيد, ويشير الي فداحة الخسائر التي منيت بها الحملة الانجليزية علي رشيد ويطلب المدد .
يشار إلى أنه مؤخرا تم الانتهاء من عمليات التجديد والتطوير في متحف رشيد الإسلامي بعد معاناة وإهمال شديد، بتكلفة وصلت 4 ملايين جنيه مصري.
تجديد المتحف يأتي بعد نحو 50 عاما من افتتاحه للمرة الاولى كما تم تجديد الآثار المحيطة به لتصبح المنطقة بأسرها متحفا تاريخيا مفتوحا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق